[ ص: 336 ] سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله (تعالى): واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ؛ قال الحسن؛ ؛ ومجاهد "هو قول القائل: أسألك بالله؛ وبالرحم"؛ وقال وإبراهيم: ؛ ابن عباس ؛ وقتادة ؛ والسدي : "اتقوا الأرحام أن تقطعوها"؛ وفي الآية دلالة على جواز والضحاك وقد روى المسألة بالله (تعالى)؛ عن ليث ؛ عن مجاهد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ابن عمر وروى "من سأل بالله فأعطوه"؛ معاوية بن سويد بن مقرن؛ عن قال: " البراء بن عازب ؛ وهذا يدل على مثل ما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بسبع"؛ منها إبرار القسم وأما قوله: "من سألكم بالله فأعطوه"؛ والأرحام ؛ ففيه تعظيم لحق الرحم؛ وتأكيد للنهي عن قطعها؛ قال الله (تعالى) في موضع آخر: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ؛ فقرن قطع الرحم إلى الفساد في الأرض؛ وقال (تعالى): لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ؛ قيل في الإل: إنه القربى؛ وقال (تعالى): وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى .
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعظيم ما يواطئ ما ورد به التنزيل؛ روى حرمة الرحم عن سفيان بن عيينة ؛ عن الزهري ؛ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عبد الرحمن بن عوف وحدثنا "يقول الله: (أنا الرحمن؛ وهي الرحم؛ شققت لها اسما من اسمي؛ فمن وصلها وصلته؛ ومن قطعها بتته)"؛ قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا خالي بشر بن موسى حيان بن بشر قال: حدثنا ؛ عن محمد بن الحسن قال: حدثني أبي حنيفة ناصح؛ عن ؛ عن يحيى بن أبي كثير أبي سلمة ؛ عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أبي هريرة وحدثنا "ما من شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم؛ وما من عمل عصي الله به أعجل عقوبة من البغي؛ واليمين الفاجرة"؛ قال: حدثنا عبد الباقي قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا خالد بن خداش صالح المري قال: حدثنا يزيد الرقاشي ؛ عن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنس بن مالك وحدثنا "إن الصدقة؛ وصلة الرحم؛ يزيد الله بهما في العمر؛ ويدفع بهما ميتة السوء؛ ويدفع الله بهما المحذور والمكروه"؛ قال: حدثنا عبد الباقي قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي ؛ عن سفيان ؛ عن الزهري حميد بن عبد الرحمن بن عوف ؛ عن أمه؛ قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أم كلثوم بنت عقبة الكاشح"؛ الصدقة على ذي الرحم قال "أفضل : الكاشح: العدو؛ ورواه أيضا [ ص: 337 ] الحميدي عن سفيان ؛ عن الزهري أيوب بن بشير؛ عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حكيم بن حزام الكاشح"؛ الصدقة على ذي الرحم وروت "أفضل عن حفصة بنت سيرين الرباب؛ عن سليمان بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصدقة على المسكين صدقة؛ وعلى ذي الرحم اثنتان; لأنها صدقة وصلة".
قال : فثبت بدلالة الكتاب والسنة وجوب صلة الرحم؛ واستحقاق الثواب بها؛ وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر اثنتين؛ صدقة؛ وصلة؛ وأخبر باستحقاق الثواب لأجل الرحم؛ سوى ما يستحقه بالصدقة؛ فدل على أن الصدقة على ذي الرحم لا يصح الرجوع فيها؛ ولا فسخها أبا كان الواهب؛ أو غيره; لأنها قد جرت مجرى الصدقة في أن موضوعها القربة؛ واستحقاق الثواب بها كالصدقة؛ لما كان موضوعها القربة؛ وطلب الثواب؛ لم يصح الرجوع فيها؛ كذلك الهبة لذي الرحم المحرم ؛ ولا يصح للأب بهذه الدلالة الهبة لذي الرحم المحرم ؛ كما لا يجوز لغيره من ذوي الرحم المحرم ؛ إذ كانت بمنزلة الصدقة؛ إلا أن يكون الأب محتاجا؛ فيجوز له أخذه كسائر أموال الابن؛ فإن قيل: لم يفرق الكتاب والسنة - فيما أوجبه من صلة الرحم - بين ذي الرحم المحرم وغيره؛ فالواجب ألا يرجع فيما وهبه لسائر ذوي أرحامه؛ وإن لم يكن ذا رحم محرم؛ كابن العم والأباعد من أرحامه؛ قيل له: لو اعتبرنا كل من بينه وبينه نسب لوجب أن يشترك فيه بنو الرجوع فيما وهبه للابن آدم - عليه السلام - كلهم; لأنهم ذوو أنسابه؛ ويجمعهم نوح النبي - عليه السلام - وقبله آدم - عليه السلام -؛ وهذا فاسد؛ فوجب أن تكون الرحم التي يتعلق بها هذا الحكم هي ما يمنع عقد النكاح بينهما؛ إذا كان أحدهما رجلا؛ والآخر امرأة; لأن ما عدا ذلك لا يتعلق به حكم؛ وهو بمنزلة الأجنبيين؛ وقد روى زياد بن علاقة؛ عن أسامة بن شريك قال: بمنى؛ وهو يقول: "أمك؛ وأباك؛ وأختك؛ وأخاك؛ ثم أدناك فأدناك"؛ فذكر أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب في ذلك؛ فدل على صحة ما ذكرنا؛ وهو مأمور مع ذلك بمن بعد رحمه أن يصلها؛ وليس في تأكيد من قرب؛ كما يؤمر بالإحسان إلى الجار؛ ولا يتعلق بذلك حكم في التحريم؛ ولا في منع الرجوع في الهبة؛ فكذلك ذوو رحمه الذين ليسوا بمحرم؛ فهو مندوب إلى الإحسان إليهم؛ ولكنه لما لم يتعلق به حكم التحريم كانوا بمنزلة الأجنبيين؛ والله أعلم بالصواب. ذوي الرحم المحرم