واختلف في ، فلم يجزه المسح على الجوربين أبو حنيفة إلا أن يكونا مجلدين . وحكى والشافعي عن الطحاوي أنه لا يمسح وإن كانا مجلدين . وحكى بعض أصحاب مالك عنه أنه لا يمسح إلا أن يكونا مجلدين كالخفين . وقال مالك الثوري وأبو يوسف ومحمد : ( يمسح إذا كانا ثخينين وإن لم يكونا مجلدين ) . والأصل فيه أنه قد ثبت أن مراد الآية الغسل على ما قدمنا ، فلو لم ترد الآثار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين لما أجزنا المسح ، فلما وردت الآثار الصحاح واحتجنا إلى استعمالها مع الآية استعملناها معها على موافقة الآية في احتمالها للمسح وتركنا الباقي على مقتضى الآية ومرادها ؛ ولما لم ترد الآثار في جواز المسح على الجوربين في وزن ورودها في المسح على الخفين بقينا حكم الغسل على مراد الآية ولم ننقله عنه . والحسن بن صالح
فإن قيل : روى المغيرة بن شعبة : وأبو موسى . قيل له : يحتمل أنهما كانا مجلدين ، فلا دلالة فيه على موضع الخلاف ؛ إذ ليس بعموم لفظ وإنما هو حكاية فعل لا نعلم . وأيضا يحتمل أن يكون وضوء من لم يحدث ، كما مسح على رجليه وقال : ( هذا وضوء من لم يحدث ) . ومن جهة النظر اتفاق الجمع على امتناع جواز المسح على اللفافة ؛ إذ ليس في العادة المشي فيها ، كذلك الجوربان . وأما إذا كانا مجلدين فهما بمنزلة الخفين ويمشي فيهما وبمنزلة [ ص: 357 ] الجرموقين ، ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه إذا كان كله مجلدا جاز المسح ؟ ولا فرق بين أن يكون جميعه مجلدا أو بعضه بعد أن يكون بمنزلة الخفين في المشي والتصرف . أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه