وقوله تعالى : فانكحوهن بإذن أهلهن يدل على أن ؛ لأن قوله : للمرأة أن تزوج أمتها أهلهن المراد به الموالي ؛ لأنه لا خلاف أنه لا يجوز لها أن تتزوج بغير إذن مولاها ، وأنه لا اعتبار بإذن غير المولى إذا كان المولى بالغا عاقلا جائز التصرف في ماله . وقال : " لا يجوز للمرأة أن تزوج أمتها وإنما توكل غيرها بالتزويج " وهو قول يرده ظاهر الكتاب ؛ لأن الله تعالى لم يفرق بين عقدها التزويج وبين عقد غيرها بإذنها . ويدل على أنها إذا أذنت لامرأة أخرى في [ ص: 121 ] تزويجها أنه جائز لأنها تكون منكوحة بإذنها ، وظاهر الآية مقتض لجواز نكاحها بإذن مولاها ، فإذا وكل مولاها أو مولاتها امرأة بتزويجها وجب أن يجوز ذلك ؛ لأن ظاهر الآية قد أجازه ، ومن منع ذلك فإنما خص الآية بغير دلالة . وأيضا فإن كانت هي لا تملك عقد النكاح عليها فغير جائز توكيلها غيرها به ؛ لأن توكيل الإنسان إنما يجوز فيما يملكه فأما ما لا يملكه فغير جائز توكيل غيره به في العقود التي تتعلق أحكامها بالموكل دون الوكيل ، وقد يصح عندنا توكيل من لا يصح عقده إذا عقد في العقود التي تتعلق أحكامها بالوكيل دون الموكل وهي عقود البياعات والإجارات ، فأما عقد النكاح إذا وكل به فإنما يتعلق حكمه بالموكل دون الوكيل ألا ترى أن الوكيل بالنكاح لا يلزمه المهر ولا تسليمه البضع ؟ فلو لم تكن المرأة مالكة لعقد النكاح لما صح توكيلها به لغيرها ؛ إذ كانت أحكام العقود غير متعلقة بالوكيل ، فلما صح توكيلها به مع تعلق أحكامه بها دون الوكيل دل على أنها تملك العقد . وهذا أيضا دليل على أن الشافعي وهو وليها الحرة تملك عقد النكاح على نفسها كما جاز توكيلها على غيرها به