قوله تعالى : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله روي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي : " أن المراد بالناس ههنا هو النبي صلى الله عليه وسلم خاصة " . وقال وعكرمة : " العرب " . وقال آخرون : " النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه " ؛ وهذا أولى ؛ لأن أول الخطاب في ذكر قتادة اليهود ، وقد كانوا قبل ذلك يقرءون في كتبهم مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وصفته وحال نبوته ، وكانوا يوعدون العرب بالقتل عند مبعثه ؛ لأنهم زعموا أنهم لا يتبعونه ، وكانوا يظنون أنه يكون من بني إسرائيل ، فلما بعثه الله تعالى من ولد إسماعيل حسدوا العرب وأظهروا الكفر به وجحدوا ما عرفوه .
قال الله تعالى : وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وقال الله تعالى : ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم فكانت اليهود للعرب ظاهرة بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم حسدا منهم لهم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثا منهم ؛ فالأظهر من معنى الآية حسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم عداوة وللعرب .
[ ص: 172 ] والحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها ؛ ولذلك قيل : إن كل أحد تقدر أن ترضيه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها ؛ والغبطة غير مذمومة ؛ لأنها تمني مثل النعمة من غير زوالها عن صاحبها بل مع سرور منه ببقائها عليه .