وروى القاسم بن الحكم العرني عن عبيد الله الرصافي عن عبد الله بن عتبة بن عمير قال : قال : " ما ندمت على شيء فاتني في شيبتي إلا أن لم أحج راجلا ، ولقد حج ابن عباس خمسا وعشرين حجة ماشيا من الحسن بن علي المدينة إلى مكة وإن النجائب لتقاد معه ، ولقد قاسم الله عز وجل ماله ثلاث مرات إنه ليعطي النعل ويمسك النعل ويعطي الخف ويمسك الخف " .
وروى عن عبد الرزاق عمرو بن زر عن قال : " كانوا يحجون ولا يركبون ، فأنزل الله تعالى : مجاهد رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق وروى قال : أخبرني ابن جريج العلاء قال : سمعت محمد بن علي يقول : " كان يمشي وتقاد دوابه " . الحسن بن علي
قال : قوله تعالى : أبو بكر يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يقتضي إباحة الحج ماشيا وراكبا ولا دلالة فيه على الأفضل منهما ، وما رويناه عن السلف في اختيارهم وتأويل الآية عليه يدل على أن الحج ماشيا أفضل ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يفصح عن ذلك وهو الحج ماشيا أم عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى بيت الله تعالى فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي ، وهذا يدل على أن المشي قربة قد لزمت بالنذر ، لولا ذلك لما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليها هديا عند تركها المشي . قوله تعالى : أن يأتين من كل فج عميق روى جويبر عن : الضحاك من كل فج عميق قال : " بلد بعيد " . وقال : " مكان بعيد " . قال قتادة : الفج الطريق ، فكأنه قال : من طريق بعيد . وقال بعض أهل اللغة : " العمق الذاهب على وجه الأرض والعمق الذاهب في الأرض " . قال أبو بكر : رؤبة
وقاتم الأعماق خاوي المخترق
فأراد بالعمق هذا الذاهب على وجه الأرض ، فالعميق البعيد لذهابه على وجه الأرض ، [ ص: 66 ] قال الشاعر :
يقطعن نور النازح العميق
يعني البعيد . وقد روت أم حكيم بنت أمية عن زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : سمعت النبي يقول : أم سلمة . من أهل بالمسجد الأقصى بعمرة أو بحجة غفر له ما تقدم من ذنبه
وروى أبو إسحاق عن الأسود أن أحرم من ابن مسعود الكوفة بعمرة . وعن أنه أحرم من الشام في الشتاء ، وأحرم ابن عباس من ابن عمر بيت المقدس ، أحرم من وعمران بن حصين البصرة .
وروى عن عمرو بن مرة عبد الله بن سلمة قال : سئل عن قوله تعالى : علي وأتموا الحج والعمرة لله قال : " أن تحرم بهما من دويرة أهلك " . وقال علي : " ما أرى أن يعتمر إلا من حيث ابتدأ " وروي عن وعمر قال : قيل مكحول : الرجل يحرم من لابن عمر سمرقند أو من خراسان أو البصرة أو الكوفة ؟ فقال : " يا ليتنا نسلم من وقتنا الذي وقت لنا " ، فكأنه كرهه في هذا الحديث لما يخاف من مواقعة ما يحظره الإحرام لا لبعد المسافة .