وقوله تعالى : فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله يعني والله أعلم : حتى يسلموا ويهاجروا ؛ لأن الهجرة بعد الإسلام ، وأنهم وإن أسلموا لم تكن بيننا وبينهم موالاة إلا بعد الهجرة ، وهو كقوله تعالى : ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وهذا في حال ما كانت الهجرة فرضا ؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : . أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين ، وأنا بريء من كل مسلم أقام مع مشرك قيل : ولم يا رسول الله ؟ قال : لا تراءى ناراهما
فكانت الهجرة فرضا إلى أن فتحت مكة فنسخ فرض الهجرة . حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن جرير منصور عن عن مجاهد عن طاوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح ابن عباس مكة : . لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا
حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود مؤمل بن الفضل قال : حدثنا الوليد عن عن الأوزاعي عن الزهري عطاء [ ص: 188 ] بن يزيد عن : أبي سعيد الخدري فأباح النبي صلى الله عليه وسلم ترك الهجرة . أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجرة ، فقال : ويحك إن شأن الهجرة شديد فهل لك من إبل ؟ قال : نعم ، قال : فهل تؤدي صدقتها ؟ قال : نعم ، قال : فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا
وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا مسدد يحيى عن قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عامر قال : أتى رجل فقال : أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عبد الله بن عمرو . المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه
وروي عن أن حكم الآية ثابت في كل من أقام في دار الحرب فرأى الحسن قائما . وقوله تعالى : فرض الهجرة إلى دار الإسلام فخذوهم واقتلوهم فإنه روي عن : " فإن تولوا عن الهجرة " . قال ابن عباس : يعني والله أعلم : فإن تولوا عن الإيمان والهجرة ؛ لأن قوله تعالى : أبو بكر حتى يهاجروا في سبيل الله قد انتظم الإيمان والهجرة جميعا ، وقوله : فإن تولوا راجع إليهما ؛ ولأن من أسلم حينئذ ولم يهاجر لم يجب قتله في ذلك الوقت ، فدل على أن المراد : فإن تولوا عن الإيمان والهجرة فخذوهم واقتلوهم .