باب قال الدية من غير الإبل : " الدية من الإبل والدراهم والدنانير ، فمن الدراهم عشرة آلاف درهم ومن الدنانير ألف دينار " . أبو حنيفة
لا يرى الدية إلا من الإبل والورق والذهب . وقال وأبو حنيفة مالك : " من الورق اثنا عشر ألفا ومن الذهب ألف دينار " . وقال والشافعي : " أهل الذهب أهل مالك الشام ومصر ، وأهل الورق أهل العراق ، وأهل الإبل أهل البوادي " . وقال : " ولا يقبل من أهل الإبل إلا الإبل ومن أهل الذهب إلا الذهب ومن أهل الورق إلا الورق " . مالك
وقال [ ص: 211 ] أبو يوسف : " الدية من الورق عشرة آلاف وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الإبل مائة بعير وعلى أهل البقر مائتا بقرة وعلى أهل الشاء ألفا شاة وعلى أهل الحلل مائتا حلة يمانية ، ولا يؤخذ من الغنم والبقر في الدية إلا الثني فصاعدا ، ولا تؤخذ من الحلل إلا اليمانية قيمة كل حلة خمسون درهما فصاعدا " . وروي عن ومحمد عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبيدة السلماني : " أنه جعل الدية على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وعلى أهل الإبل مائة من الإبل " . عمر
قال : الدية قيمة النفس ، وقد اتفق الجميع على أن لها مقدارا معلوما لا يزاد عليه ولا ينقص منه ، وأنها غير موكولة إلى اجتهاد الرأي كقيم المتلفات ومهور المثل ونحوهما ؛ وقد اتفق الجميع على إثبات عشرة آلاف واختلفوا فيما زاد ، فلم يجز إثباته إلا بتوقيف . وقد روى أبو بكر عن هشيم يونس عن أن الحسن قوم الإبل في الدية مائة من الإبل ، قوم كل بعير بمائة وعشرين درهما اثني عشر ألف درهم ؛ وقد روي عنه في الدية عشرة آلاف . وجائز أن يكون من روى اثني عشر ألفا على أنها وزن ستة فتكون عشرة آلاف وزن سبعة . عمر بن الخطاب
وذكر في هذا الحديث أنه جعل الدية من الورق قيمة الإبل لا أنه أصل في الدية ، وفي غير هذا الحديث أنه جعل الدية من الورق وروى الحسن عن عكرمة في الدية عشرة آلاف درهم . فإن احتج محتج بما روى أبي هريرة محمد بن مسلم الطائفي عن عن عمرو بن دينار عن عكرمة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس وبما روى الدية اثنا عشر ألفا عن أبيه أن ابن أبي نجيح قضى في الدية باثني عشر ألفا ، وروى عمر عن نافع بن جبير مثله ، ابن عباس عن والشعبي الحارث عن مثله . قيل له : أما حديث علي فإنه يرويه عكرمة وغيره عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه عكرمة ؛ ويقال إن ابن عباس محمد بن مسلم غلط في وصله
وعلى أنه لو ثبت جميع ذلك احتمل أن يريد بها اثني عشر ألف درهم وزن ستة ، وإذا احتمل ذلك لم يجز إثبات الزيادة بالاحتمال ويثبت عشرة آلاف بالاتفاق .
وأيضا قد اتفق الجميع على أنها من الذهب ألف دينار ، وقد جعل في الشرع كل عشرة دراهم قيمة لدينار ، ألا ترى أن الزكاة في عشرين مثقالا وفي مائتي درهم فجعلت مائتا الدرهم نصابا بإزاء العشرين دينارا ؟ كذلك ينبغي أن يجعل بإزاء كل دينار من الدية عشرة دراهم وإنما لم يجعل الدية من غير الأصناف [ ص: 212 ] الثلاثة من قبل أن الدية لما كانت قيمة النفس كان القياس أن لا تكون إلا من الدراهم والدنانير كقيم سائر المتلفات ، إلا أنه لما جعل النبي صلى الله عليه وسلم قيمتها من الإبل اتبع الأثر فيها ولم يوجبها من غيرها ؛ والله أعلم . أبو حنيفة