باب كيفية اللعان
قال الله تعالى : فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين
واختلف أهل العلم في إذا لم يكن ولد ، فقال صفة اللعان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد : ( يشهد الزوج أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا ، وتشهد هي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنا والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا ، فإن كان هناك ولد نفاه يشهد أربع شهادات بالله إنه لصادق فيما رماها به من نفي هذا الولد ) . وذكر والثوري أن الحاكم يأمر الزوج أن يقول : ( أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتك به من نفي ولدك هذا ) فيقول ذلك أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : ( لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميتك به من نفي ولدك هذا ) ثم يأمرها القاضي فتقول : ( أشهد بالله إنك لمن الكاذبين فيما رميتني به من نفي ولدي هذا ) فتقول ذلك أربع مرات ، ثم تقول في الخامسة : ( وغضب الله علي إن كنت من الصادقين فيما رميتني به من نفي ولدي هذا ) . أبو الحسن الكرخي
وروى حيان بن بشر عن قال : ( إذا كان اللعان بولد فرق بينهما فقال قد ألزمته أمه وأخرجته من نسب الأب ) . قال أبي [ ص: 139 ] يوسف أبو الحسن : ولم أجد ذكر نفي الحاكم الولد بالقول فيما قرأته إلا في رواية حيان بن بشر ، قال أبو الحسن : وهو الوجه عندي .
وروى في سياق روايته عن الحسن بن زياد قال : ( لا يضره أن يلاعن بينهما وهما قائمان أو جالسان ، فيقول الرجل : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتك به من الزنا ، يقبل بوجهه عليها فيواجهها في ذلك كله وتواجهه أيضا هي ) . وروي عن أبي حنيفة مثل ذلك في المواجهة . زفر
وقال فيما ذكره مالك عنه : ( أنه يحلف أربع شهادات بالله يقول : أشهد بالله أني رأيتها تزني ، والخامسة : لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين ؛ وتقول هي : أشهد بالله ما رآني أزني ، فتقول ذلك أربع مرات والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) . وقال ابن القاسم : ( يشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، وتشهد المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) ، وقال الليث : ( يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان ، ويشير إليها إن كانت حاضرة ، يقول ذلك أربع مرات ، ثم يقعده الإمام يذكره الله ويقول إني أخاف إن لم تكن صدقت أن تبوء بلعنة الله ، فإن رآه يريد أن يمضي أمره يضع يده على فيه ويقول : إن قولك علي لعنة الله إن كنت من الكاذبين موجبة إن كنت كاذبا ، فإن أبى تركه فيقول : لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين فيما رميت به زوجتي فلانة من الزنا ، فإن قذفها بأحد يسميه بعينه واحدا كان أو اثنين ، وقال مع كل شهادة : إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان وفلان ؛ وإن نفى ولدها قال مع كل شهادة : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وإن هذا الولد ولد زنا ما هو مني ، فإذا قال هذا فقد فرغ من الالتعان ) . الشافعي
قال : قوله تعالى : أبو بكر فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين يقتضي ظاهره جواز الاقتصار عليه من شهادات اللعان ؛ إلا أنه لما كان معلوما من دلالة الحال أن التلاعن واقع على قذفه إياها بالزنا علمنا أن المراد : فشهادة أحدهما بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، وكذلك شهادة المرأة واقعة في نفي ما رماها به ، وكذلك اللعن والغضب والصدق والكذب راجع إلى إخبار الزوج عنها بالزنا ، فدل على أن المراد بالآية وقوع الالتعان والشهادات على ما وقع به رمي الزوج ، فاكتفى بدلالة [ ص: 140 ] الحال على المراد عن قوله فيما رميتها به من الزنا واقتصر على قوله : ( إني لمن الصادقين ) وهذا نحو قوله تعالى : والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات والمراد : والحافظات فروجهن والذاكرات الله ؛ ولكنه حذف لدلالة الحال عليه . وفي حديث عبد الله بن مسعود في قصة المتلاعنين عند النبي صلى الله عليه وسلم : فشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، ولم يذكرا فيما رماها به من الزنا . وابن عباس
وأما قول : ( إنه يشهد أربع شهادات بالله أنه رآها تزني ) فمخالف لظاهر لفظ الكتاب والسنة ؛ لأن في الكتاب : مالك فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين وكذلك لاعن النبي صلى الله عليه وسلم بين الزوجين . وأما قول : ( إنه يذكرها باسمها ونسبها ويشير إليها بعينها ) فلا معنى له ؛ لأن الإشارة تغني عن ذكر الاسم والنسب ، فذكر الاسم والنسب لغو في هذا الموضع ، ألا ترى أن الشهود لو شهدوا على رجل بحق وهو حاضر كانت شهادتهم أنا نشهد أن لهذا الرجل على هذا الرجل ألف درهم ولا يحتاجون إلى اسمه ونسبه ؟ الشافعي