قوله عز وجل : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم الآية . قيل فيه تقبض أرواحهم عند الموت . وقال : تحشرهم إلى النار . وقيل : إنها نزلت في قوم من المنافقين كانوا يظهرون الإيمان للمؤمنين خوفا وإذا رجعوا إلى قومهم أظهروا لهم الكفر ولا [ ص: 228 ] يهاجرون إلى الحسن المدينة ، فبين الله تعالى بما ذكر أنهم ظالمون لأنفسهم بنفاقهم وكفرهم وبتركهم الهجرة .
وهذا يدل على فرض الهجرة في ذلك الوقت ، لولا ذلك لما ذمهم على تركها ؛ ويدل أيضا على أن ؛ لأن الله قد ذم هؤلاء المنافقين على ترك الهجرة ، وهذا نظير قوله تعالى : الكفار مكلفون بشرائع الإسلام معاقبون على تركها ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى فذمهم على ترك اتباع سبيل المؤمنين كما ذمهم على ترك الإيمان . ودل ذلك على صحة حجة الإجماع لأنه لولا أن ذلك لازم لما ذمهم على تركه ولما قرنه إلى مشاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا يدل على النهي عن المقام بين أظهر المشركين ، لقوله تعالى : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها وهذا يدل على وروي عن الخروج من أرض الشرك إلى أي أرض كانت من أرض الإسلام ابن عباس والضحاك وقتادة أن الآية نزلت في قوم من أهل والسدي مكة تخلفوا عن الهجرة وأعطوا المشركين المحبة وقتل قوم منهم ببدر على ظاهر الردة ، ثم استثنى منهم الذين أقعدهم الضعف بقوله : إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا يعني طريقا إلى المدينة دار الهجرة .
وقوله تعالى : فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم قال : عسى من الله واجبة وقيل : إنها بمنزلة الوعد ؛ لأنه لا يخبر بذلك عن شك وقيل : إنما هذا على شك العباد ، أي كونوا أنتم على الرجاء والطمع . الحسن