وقت العصر قال  أبو بكر   : أما أول وقت العصر  فهو على ما ذكرنا من خروج وقت الظهر على اختلافهم فيه ، والصحيح من قولهم أنه ليس بين وقت الظهر ووقت العصر واسطة وقت من غيرهما ؛ وما روي عن  أبي حنيفة  من أن آخر وقت الظهر أن يصير الظل أقل من قامتين وأول وقت العصر إذا صار الظل قامتين ، فهو رواية شاذة ، وهي أيضا مخالفة للآثار الواردة في أن وقت الظهر ما لم يحضر وقت العصر ؛ وفي بعض ألفاظ حديث  أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم : وآخر وقت الظهر حين يدخل وقت العصر وفي حديث أبي قتادة   : التفريط في الصلاة أن يتركها حتى يدخل وقت الأخرى  . 
والصحيح من مذهب  أبي حنيفة  أحد قولين : 
إما المثلان وإما المثل ، وأن بخروج وقت الظهر يدخل وقت العصر . واتفق فقهاء الأمصار أن آخر وقت العصر غروب الشمس ، ومن الناس من يقول : إن آخر وقتها حين تصفر الشمس ، ويحتج فيه بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس . 
قال  أبو بكر   : والدليل على أن آخر وقتها الغروب قول النبي صلى الله عليه وسلم : من فاته العصر حتى غابت الشمس فكأنما وتر أهله وماله ، فجعل فواتها بالغروب وروى  أبو هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك ، وهذا يدل على أن وقتها إلى الغروب . 
فإن احتج محتج بحديث  عبد الله بن عمر   وأبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : آخر وقت العصر حين تصفر الشمس ، فإن هذا عندنا على كراهة التأخير وبيان الوقت المستحب ، كما روي في حديث  الأعمش  عن أبي صالح  عن  أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : آخر وقت العشاء الآخرة نصف الليل ومراده الوقت المستحب ؛ لأنه لا خلاف أن ما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر من وقت العشاء الآخرة ، وأن مدركه بالاحتلام أو الإسلام  [ ص: 257 ] يلزمه فرضها . 
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الرجل ليصلي الصلاة ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله  . فقد يكون وقت يلزم به مدركه الفرض ويكره له تأخيرها إليه ألا ترى أنه يكره الإسفار بصلاة الفجر بمزدلفة  ولم تخرجه كراهة التأخير إليه من أن يكون وقتا لها ؟ فكذلك الأخبار التي فيها تقدير آخر الوقت باصفرار الشمس واردة على فوات فضيلة الوقت الذي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم خيرا له من أهله وماله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					