فصل قال : ومن الناس من يحتج بهذه الآية في أبو بكر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خير بين الدنيا والآخرة فاختار الفقر والآخرة أمره الله بتخيير نسائه ، فقال تعالى : إيجاب الخيار وفي التفريق لامرأة العاجز عن النفقة يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها الآية .
قال : لا دلالة فيها على ما ذكروا وذلك ؛ لأن الله علق اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لفراقهن بإرادتهن الحياة الدنيا وزينتها ، ومعلوم أن من أراد من نسائنا الحياة الدنيا وزينتها لم يوجب ذلك تفريقا بينها وبين زوجها ، فلما كان السبب الذي من أجله أوجب الله التخيير المذكور في الآية غير موجب للتخيير في نساء غيره فلا دلالة فيه على التفريق بين امرأة العاجز عن النفقة وبينه . أبو بكر
وأيضا فإن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للآخرة دون الدنيا وإيثاره للفقر دون الغنى لم يوجب أن يكون عاجزا عن نفقة نسائه ؛ لأن الفقير قد يقدر على نفقة نسائه مع كونه فقيرا ، ولم يدع أحد من الناس ولا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عاجزا عن نفقة نسائه بل كان يدخر لنسائه قوت سنة ، فالمستدل بهذه الآية على ما ذكر مغفل لحكمها .