باب مصالحة المرأة وزوجها قال الله تعالى : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا قيل في معنى النشوز إنه الترفع عليها لبغضه إياها ، مأخوذ من نشز الأرض وهي المرتفعة .
وقوله : أو إعراضا يعني لموجدة أو أثرة ، فأباح الله لهما الصلح ، فروي عن علي أنه أجاز لهما أن يصطلحا على ترك بعض مهرها أو بعض أيامها بأن تجعله لغيرها . وقال وابن عباس : " ما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز " . عمر
وروى عن سماك عن عكرمة قال : " خشيت ابن عباس أن يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله لا تطلقني وأمسكني واجعل يومي سودة ففعل فنزلت هذه الآية : لعائشة وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا الآية ؛ فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز "
وقال هشام [ ص: 270 ] بن عروة عن أبيه عن أنها نزلت في عائشة ، فذلك قوله تعالى : المرأة تكون عند الرجل ويريد طلاقها ويتزوج غيرها فتقول : أمسكني ولا تطلقني ، ثم تزوج وأنت في حل من النفقة والقسمة لي فلا جناح عليهما إلى قوله تعالى : والصلح خير . وعن من طرق كثيرة : أن عائشة وهبت يومها سودة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم به لها لعائشة .
قال : فهذه الآية دالة على وجوب أبو بكر ، وعلى وجوب الكون عندها إذا لم تكن عنده إلا واحدة وقضى القسم بين النساء إذا كان تحته جماعة كعب بن سور بأن لها يوما من أربعة أيام بحضرة ، فاستحسنه عمر وولاه قضاء عمر البصرة .
، وعموم الآية يقتضي جواز وأباح الله أن تترك حقها من القسم وأن تجعله لغيرها من نسائه ، إلا أنه إنما يجوز لها إسقاط ما وجب من النفقة للماضي ، فأما المستقبل فلا تصح البراءة منه ؛ وكذلك اصطلاحهما على ترك المهر والنفقة والقسم وسائر ما يجب لها بحق الزوجية لم يصح إبراؤها وكان لها المطالبة بحقها منه ؛ وإنما يجوز بطيب نفسها بترك المطالبة بالنفقة وبالكون عندها ، فأما أن تسقط ذلك في المستقبل بالبراءة منه فلا لو أبرأت من الوطء ؛ لأن ذلك أكل مال بالباطل ، أو ذلك حق لا يجوز أخذ العوض عنه ؛ لأنه لا يسقط مع وجود السبب الموجب له وهو عقد النكاح ، وهو مثل أن تبرئ الرجل من تسليم العبد المهر فلا يصح لوجود ما يوجبه وهو العقد . . ولا يجوز أيضا أن يعطيها عوضا على ترك حقها من القسم أو الوطء
فإن قيل فقد أجاز أصحابنا أن يخلعها على نفقة عدتها فقد أجازوا مع وجود السبب الموجب لها وهي العدة . البراءة من نفقة لم تجب بعد
قيل له : لم يجيزوا البراءة من النفقة ، ولا فرق بين المختلعة والزوجة في امتناع وقوع البراءة من نفقة لم تجب بعد ؛ ولكنه إذا خالعها على نفقة العدة فإنما جعل الجعل مقدار نفقة العدة ، والجعل في الخلع يجوز فيه هذا القدر من الجهالة ، فصار ذلك في ضمانها بعقد الخلع ، ثم ما يجب لها بعد من نفقة العدة في المستقبل يصير قصاصا بماله عليها وقد دلت الآية على ؛ لأن الآية لم تفرق بين شيء من ذلك وأجازت الصلح في سائر الوجوه . جواز اصطلاحهما من المهر على ترك جميعه أو بعضه أو على الزيادة عليه