وقوله تعالى : إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم قيل فيه وجهان :
أحدهما : يخادعون نبي الله والمؤمنين بما يظهرون من الإيمان لحقن دمائهم ومشاركة المسلمين في غنائمهم والله تعالى يخادعهم بالعقاب على خداعهم ، فسمى الجزاء [ ص: 280 ] على الفعل باسمه على مزاوجة الكلام ، كقوله تعالى : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه
والآخر : أنهم يعملون عمل المخادع لمالكه بما يظهرون من الإيمان ويبطنون خلافه ، وهو يعمل عمل المخادع بما أمر به من قبول إيمانهم ، مع علمهم بأن الله عليم بما يبطنون من كفرهم . وقوله تعالى : ولا يذكرون الله إلا قليلا قيل فيه : إنما سماه قليلا ؛ لأنه لغير وجهه ، فهو قليل في المعنى وإن كثر الفعل منهم .
وقال : " إنما سماه قليلا لأنه على وجه الرياء ، فهو حقير غير متقبل منهم بل هو وبال عليهم " . قتادة
وقيل : إنه أراد إلا يسيرا من الذكر ، نحو ما يظهرونه للناس دون ما أمروا به من ذكر الله في كل حال أمر به المؤمنين في قوله تعالى : فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم وأخبر أيضا أنهم يقومون إلى الصلاة كسالى مراءاة للناس ، والكسل هو التثاقل عن الشيء للمشقة فيه مع ضعف الدواعي إليه ، فلما لم يكونوا معتقدين للإيمان لم يكن لهم داع إلى الصلاة إلا مراءاة للناس خوفا منهم .