قوله تعالى : وأيديكم إلى المرافق قال : أبو بكر ، [ ص: 344 ] والدليل على ذلك أن عمارا تيمم إلى المنكب وقال : اليد اسم يقع على هذا العضو إلى المنكب وكان ذلك لعموم قوله : تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المناكب فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ولم ينكره عليه أحد من جهة اللغة بل هو كان من أهل اللغة ، فكان عنده أن الاسم للعضو إلى المنكب ؛ فثبت بذلك أن الاسم يتناولها إلى المنكب . وإذا كان الإطلاق يقتضي ذلك ثم ذكر التحديد فجعل المرافق غاية ، كان ذكره لها لإسقاط ما وراءها من وجهين :
أحدهما : أن عموم اللفظ ينتظم المرافق فيجب استعماله فيها ؛ إذ لم تقم الدلالة على سقوطها . والثاني : أن الغاية لما كانت قد تدخل تارة ولا تدخل أخرى ، والموضع الذي دخلت الغاية فيه قوله تعالى : ولا تقربوهن حتى يطهرن ووجود الطهر شرط في الإباحة ، وقال : حتى تنكح زوجا غيره ووجوده شرط فيه ، و ( إلى ) و ( حتى ) جميعا للغاية والموضع الذي لا تدخل فيه نحو قوله : ثم أتموا الصيام إلى الليل والليل خارج منه ؛ فلما كان هذا هكذا وكان الحدث فيه يقينا لم يرتفع إلا بيقين مثله وهو وجود غسل المرفقين ؛ إذ كانت الغاية مشكوكا فيها . وأيضا روى : جابر بن عبد الله وفعله ذلك عندنا على الوجوب لوروده مورد البيان ؛ لأن قوله تعالى : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بلغ المرفقين في الوضوء أدار الماء عليهما إلى المرافق لما احتمل دخول المرافق فيه واحتمل خروجها صار مجملا مفتقرا إلى البيان ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا ورد على وجه البيان فهو على الوجوب . والذي ذكرنا من دخول المرافق في الوضوء هو قول أصحابنا جميعا ، إلا فإنه يقول : إن المرافق غير داخلة في الوضوء ؛ وكذلك الكعبان على هذا الخلاف . زفر