قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا لم يرد به ضعف القوى والأبدان وإنما المراد ضعف النية لمحاربة المشركين ، فجعل فرض الجميع فرض ضعفائهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : ما ظننت أن أحدا من المسلمين يريد بقتاله غير الله حتى أنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة فكان الأولون على مثل هذه النيات فلما خالطهم من يريد الدنيا بقتاله سوى بين الجميع في الفرض وفي هذه الآية دلالة على بطلان من أبى
nindex.php?page=treesubj&link=24770_22209_22177وجود النسخ في شريعة النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن قائله معتدا بقوله لأنه قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين والتخفيف لا يكون إلا بزوال بعض الفرض الأول أو النقل عنه إلى ما هو أخف منه فثبت بذلك أن الآية الثانية ناسخة للفرض الأول وزعم القائل بما ذكرنا من إنكار النسخ ؛ لأنه ليس في الآية أمر وإنما فيه الوعد بشريطة فمتى وفى بالشرط أنجز الوعد وإنما كلف كل قوم من الصبر على قدر استطاعتهم فكان على الأولين ما ذكر من مقاومة العشرين للمائتين والآخرون لم يكن لهم من نفاذ البصيرة مثل ما للأولين فكلفوا مقاومة الواحد للاثنين
[ ص: 257 ] والمائة للمائتين قال ومقاومة العشرين للمائتين غير مفروضة وكذلك المائة للمائتين وإنما الصبر مفروض على قدر الإمكان والناس مختلفون في ذلك على مقادير استطاعاتهم فليس في الآية نسخ كما زعم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر هذا كلام شديد الاختلال والتناقض خارج عن قول الأمة سلفها وخلفها ؛ وذلك لأنه لا يختلف أهل النقل والمفسرون في أن الفرض كان في أول الإسلام مقاومة الواحد للعشرة ومعلوم أيضا أن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن كان لفظه لفظ الخبر فمعناه الأمر كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233والوالدات يرضعن أولادهن وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن وليس هو إخبارا بوقوع ذلك وإنما هو أمر بأن لا يفر الواحد من العشرة ولو كان هذا خبرا لما كان لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم معنى لأن
nindex.php?page=treesubj&link=22209التخفيف إنما يكون في المأمور به لا في المخبر عنه ومعلوم أيضا أن القوم الذين كانوا مأمورين بأن يقاوم الواحد منهم العشرة من المشركين داخلون في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فلا محالة قد وقع النسخ عنهم فيما كانوا تعبدوا به من ذلك ولم يكن أولئك القوم قد نقصت بصائرهم ولقل صبرهم وإنما خالطهم قوم لم يكن لهم مثل بصائرهم ونياتهم وهم المعنيون بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66وعلم أن فيكم ضعفا فبطل بذلك قول هذا القائل بما وصفنا وقد أقر هذا القائل أن بعض التكليف قد زال منهم بالآية الثانية وهذا هو معنى النسخ والله أعلم بالصواب .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا لَمْ يُرِدْ بِهِ ضَعْفَ الْقُوَى وَالْأَبْدَانِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ ضَعْفُ النِّيَّةِ لِمُحَارَبَةِ الْمُشْرِكِينَ ، فَجَعَلَ فَرْضَ الْجَمِيعِ فَرْضَ ضُعَفَائِهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ بِقِتَالِهِ غَيْرَ اللَّهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ فَكَانَ الْأَوَّلُونَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ النِّيَّاتِ فَلَمَّا خَالَطَهُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا بِقِتَالِهِ سَوَّى بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي الْفَرْضِ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ مَنْ أَبَى
nindex.php?page=treesubj&link=24770_22209_22177وُجُودَ النَّسْخِ فِي شَرِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِلُهُ مُعْتَدًّا بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَالتَّخْفِيفُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِزَوَالِ بَعْضِ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ أَوِ النَّقْلِ عَنْهُ إِلَى مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْفَرْضِ الْأَوَّلِ وَزَعَمَ الْقَائِلُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِنْكَارِ النَّسْخِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ وَإِنَّمَا فِيهِ الْوَعْدُ بِشَرِيطَةٍ فَمَتَى وَفَّى بِالشَّرْطِ أَنْجَزَ الْوَعْدَ وَإِنَّمَا كَلَّفَ كُلَّ قَوْمٍ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِمْ فَكَانَ عَلَى الْأَوَّلِينَ مَا ذَكَرَ مِنْ مُقَاوَمَةِ الْعِشْرِينَ لِلْمِائَتَيْنِ وَالْآخَرُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ نَفَاذِ الْبَصِيرَةِ مِثْلُ مَا لِلْأَوَّلِينَ فَكُلِّفُوا مُقَاوَمَةَ الْوَاحِدِ لِلِاثْنَيْنِ
[ ص: 257 ] وَالْمِائَةِ لِلْمِائَتَيْنِ قَالَ وَمُقَاوَمَةُ الْعِشْرِينَ لِلْمِائَتَيْنِ غَيْرُ مَفْرُوضَةٍ وَكَذَلِكَ الْمِائَةُ لِلْمِائَتَيْنِ وَإِنَّمَا الصَّبْرُ مَفْرُوضٌ عَلَى قَدْرِ الْإِمْكَانِ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَقَادِيرِ اسْتِطَاعَاتِهِمْ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ نَسْخٌ كَمَا زُعِمَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ هَذَا كَلَامٌ شَدِيدُ الِاخْتِلَالِ وَالتَّنَاقُضِ خَارِجٌ عَنْ قَوْلِ الْأُمَّةِ سَلَفِهَا وَخَلَفِهَا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ النَّقْلِ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مُقَاوَمَةُ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ وَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ وَلَيْسَ هُوَ إِخْبَارًا بِوُقُوعِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بِأَنْ لَا يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنَ الْعَشَرَةِ وَلَوْ كَانَ هَذَا خَبَرًا لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ مَعْنًى لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22209التَّخْفِيفَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَأْمُورِ بِهِ لَا فِي الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِأَنْ يُقَاوِمَ الْوَاحِدُ مِنْهُمُ الْعَشَرَةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَلَا مَحَالَةَ قَدْ وَقَعَ النَّسْخُ عَنْهُمْ فِيمَا كَانُوا تَعَبَّدُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ أُولَئِكَ الْقَوْمُ قَدْ نَقَصَتْ بَصَائِرُهُمْ وَلَقَلَّ صَبْرُهُمْ وَإِنَّمَا خَالَطَهُمْ قَوْمٌ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِثْلُ بَصَائِرِهِمْ وَنِيَّاتِهِمْ وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ هَذَا الْقَائِلِ بِمَا وَصَفْنَا وَقَدْ أَقَرَّ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّ بَعْضَ التَّكْلِيفِ قَدْ زَالَ مِنْهُمْ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى النَّسْخِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .