قوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل روي عن ابن مسعود وأبي عبد الرحمن السلمي قالا : " دلوكها غروبها " . وعن ابن عباس وأبي برزة الأسلمي وجابر : " دلوك الشمس ميلها " وكذلك روي عن جماعة من التابعين . قال وابن عمر : هؤلاء الصحابة قالوا : إن الدلوك الميل ، وقولهم مقبول فيه لأنهم من أهل اللغة وإذا كان كذلك جاز أن يراد به الميل للزوال والميل للغروب ، فإن كان المراد الزوال فقد انتظم صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة ؛ إذ كانت هذه أوقاتا متصلة بهذه الفروض ، فجاز أن يكون غسق الليل غاية لفعل هذه الصلوات في مواقيتها . وقد روي عن أبو بكر أبي جعفر أن غسق الليل انتصافه ، فيدل ذلك على أنه آخر وأن تأخيرها إلى ما بعده مكروه . ويحتمل أن يريد به غروب الشمس ، فيكون المراد الوقت المستحب لصلاة العشاء الآخرة أنه من غروب الشمس إلى غسق الليل . وقد بيان وقت المغرب ، فروى اختلف في غسق الليل عن مالك قال : أخبرني مخبر عن داود بن الحصين أنه كان يقول : " غسق الليل اجتماع الليل وظلمته " . ابن عباس
وروى عن ليث عن مجاهد أنه كان يقول : " دلوك الشمس حين تزول الشمس إلى غسق الليل حين تجب [ ص: 32 ] الشمس " . قال : وقال ابن عباس : " دلوك الشمس حين تجب الشمس إلى غسق الليل حين يغيب الشفق " . وعن ابن مسعود عبد الله أيضا أنه لما غربت الشمس قال : " هذا غسق الليل " . وعن : " غسق الليل غيبوبة الشمس " . وعن أبي هريرة : " غسق الليل صلاة المغرب والعشاء " . وعن الحسن إبراهيم : " غسق الليل العشاء الآخرة " . وقال أبو جعفر : " غسق الليل انتصافه " . قال : من تأول دلوك الشمس على غروبها فغير جائز أن يكون تأويل غسق الليل عنده غروبها أيضا لأنه جعل الابتداء الدلوك وغسق الليل غاية له ، وغير جائز أن يكون الشيء غاية لنفسه فيكون هو الابتداء وهو الغاية ، فإن كان أبو بكر غروبها فغسق الليل هو إما الشفق الذي هو آخر وقت المغرب أو اجتماع الظلمة وهو أيضا غيبوبة الشفق لأنه لا يجتمع إلا بغيبوبة البياض ، وإما أن يكون آخر وقت العشاء الآخرة المستحب وهو انتصاف الليل ، فينتظم اللفظ حينئذ المغرب والعشاء الآخرة . المراد بالدلوك