قوله تعالى : لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا يدل على إباحة إظهار مثل هذا القول عندما يلحق الإنسان نصب أو تعب في سعي في قربة ، وأن ذلك ليس بشكاية مكروهة .
وما ذكره الله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع الخضر فيه بيان أن فعل الحكيم للضرر لا يجوز أن يستنكر إذا كان فيه تجويز فعله على وجه الحكمة المؤدية إلى المصلحة ، وأن ما يقع من الحكيم من ذلك بخلاف ما يقع من السفيه ، وهو مثل الصبي الذي [ ص: 44 ] إذا حجم أو سقي الدواء استنكر ظاهره وهو غير عالم بحقيقة معنى النفع والحكمة فيه ، فكذلك ما يفعل الله من الضرر أو ما يأمر به غير جائز استنكاره بعد قيام الدلالة أنه لا يفعل إلا ما هو صواب وحكمة ، وهذا أصل كبير في هذا الباب . والخضر لم يحتمل موسى أكثر من ثلاث مرات ، فدل على أنه جائز للعالم احتمال من يتعلم منه المرتين والثلاث على مخالفة أمره ، وأنه جائز له بعد الثلاث ترك احتماله .
الكنز ما هو قال الله تعالى : وكان تحته كنز لهما قال : " علم " . وقال سعيد بن جبير : " مال " . وقال عكرمة : " ما كان بذهب ولا فضة وإنما كان علما صحفا " . وقال ابن عباس : " صحف من علم " . وقد روي عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : أبي الدرداء وكان تحته كنز لهما قال ذهب وفضة ولما تأولوه على الصحف وعلى العلم وعلى الذهب وعلى الفضة دل على أن اسم الكنز يقع على الجميع ، لولاه لم يتأولوه عليه . وقال الله تعالى : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فخص الذهب والفضة بالذكر ؛ لأن سائر الأشياء إذا كثرت لا تجب فيها الزكاة وإنما تجب فيها تجب فيهما وإن كانا مكسورين غير مرصدين للنماء . الزكاة إذا كانت مرصدة للنماء ، والذهب والفضة