قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات مع أمثاله في القرآن:
يدل على وجوب إظهار علوم الدين وتبيينها للناس، وعم ذلك المنصوص عليه، والمستنبط لشمول اسم الهدى للجميع.
وفيه دليل على وجوب لأنه لا يجب البيان عليه إلا وقد وجب قبول قوله.. قبول قول الواحد،
وقال: إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا . فحكم بوجوب البيان بخبرهم.
فإن قيل: إنه يجوز أن يكون كل واحد منهم منهيا عن الكتمان ومأمورا بالبيان، ليكثر المخبرون، فيتواتر بهم الخبر..
قلنا: هذا غلط، لأنهم لم ينهوا عن الكتمان إلا وهم ممن يجوز عليهم التواطؤ عليه.
ومتى جاز منهم التواطؤ على الكتمان جاز منهم التواطؤ في النقل، فلا يكون خبرهم موجبا للعلم.
ودلت الآية أيضا على إذ لا تستحق الأجرة على ما عليه فعله، كما لا يستحق الأجرة على الإسلام. لزوم إظهار العلم، وترك كتمانه، ومنع أخذ الأجرة عليه،
وقال: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا . [ ص: 26 ] وذلك يمنع أخذ الأجرة على الإظهار وترك الكتمان، لأن قوله: ويشترون به ثمنا قليلا مانع من أخذ البدل عليه من سائر الوجوه، إذ كان الثمن في اللغة هو البدل.