ولما بكتهم على وجه الإعراض لأجل التخلف والحلف عليه كاذبا، أقبل إليه صلى الله عليه وسلم بالعتاب في لذيذ الخطاب على الاسترسال في اللين لهم والائتلاف وأخذ العفو وترك الخلاف إلى هذا الحد، فقال مؤذنا بأنهم ما تخلفوا إلا بإذنه صلى الله عليه وسلم لأعذار ادعوها كاذبين فيها كما كذبوا في هذا الحلف، مقدما للدعاء على العتاب لشدة الاعتناء بشأنه واللطف به صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=treesubj&link=28751_31061_31791_34166_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عفا الله أي: ذو الجلال والإكرام
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عنك وهذا كما كانت عادة العرب في مخاطبتهم لأكابرهم بأن يقولوا: أصلح الله الأمير، والملك - ونحو ذلك.
ولما كان من المعلوم أنه لا يأذن إلا لما يرى أنه يرضي الله من تألفهم ونحوه، بين أنه سبحانه يرضى منه ترك الإذن فقال كناية عن ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43لم أذنت لهم أي: في التخلف عنك تمسكا بما تقدم من الأمر باللين لهم والصفح عنهم موافقا لما جبلت عليه من محبة الرفق، وهذا إنما
[ ص: 482 ] كان في أول الأمر لخوف التنازع والفتنة، وأما الآن فقد علا الدين وتمكن أمر المؤمنين فالمأمور به الإغلاظ على المنافقين فهلا تركت الإذن لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43حتى يتبين لك أي: غاية البيان
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43الذين صدقوا أي: في التزام الأوامر بما أقروا به من كلمة التوحيد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43وتعلم الكاذبين أي: فيما أظهروا من الإيمان باللسان، فإنك إن لم تأذن لهم لقعدوا بلا إذن غير مراعين ميثاقهم الذي واثقوك عليه بالطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره; قال
أبو حيان : و " حتى " غاية الاستفهام. انتهى؛ وذلك لأنه وإن كان داخلا على فعل مثبت فمعناه النفي، أي: ما لك لم تحملهم على الغزو معك ليتحقق بذلك الحمل من يطيع ومن يعصي، فالحاصل أن الذي فعله صلى الله عليه وسلم حسن موافق لما أمره الله به؛ فإنه لا ينطق عن الهوى بل عن أمر الله إما بإيحاء واصل جديد، أو استناد إلى وحي سابق حاصل عتيد، والذي أشار إليه سبحانه أحسن مثل:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك من باب "حسنات الأبرار سيئات المقربين" ومن باب الترقية من مقام عال إلى مقام أعلى تسييرا فيهم بالعدل لما انكشف أنهم ليسوا بأهل الفضل; قال الأستاذ
nindex.php?page=showalam&ids=14085أبو الحسن الحرالي في آخر كتاب: "العروة في تفاوت وجه الخطاب فيما بين
[ ص: 483 ] ما أنزل على وفق الوصية أو أنزل على حكم الكتاب": اعلم أن الله سبحانه بعث
محمدا صلى الله عليه وسلم بالرحمة لجميع العالمين وخلقه بالعفو والمعروف، كما ورد في الكتب السابقة من قوله تعالى: "وأجعل العفو والمعروف خلقه" وبذلك وصاه كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"أوصاني ربي من غير ترجمان ولا واسطة بسبع خصال: بخشية الله في السر والعلانية، وأن أصل من قطعني، وأصفح عمن ظلمني، وأعطي من حرمني، وأن يكون نطقي ذكرا، وصمتي فكرا، ونظري عبرة".
فكان فيما أوصاه به ربه تبارك وتعالى من غير ترجمان ولا واسطة أن
nindex.php?page=treesubj&link=20032_18033يصل من قطعه ويصفح عمن ظلمه، ولا أقطع له ممن كفر به وصد عنه، فكان هو صلى الله عليه وسلم - بحكم ما بعث به وجبل عليه ووصي به - ملتزما للعفو عمن ظلمه والوصل لمن قطعه إلا أن يعلن عليه بالإكراه على ترك ذلك والرجوع إلى حق العدل والاقتصاص والانتصاف المخالف لسعة وصيته الموافق لما نقل من أحكام سنن الأولين في مؤاخذتهم بالحق والعدل إلى جامع شرعته ليوجد فيها نحو مما تقدم من الحق والعدل وإن قل، ولتفضل شرعته بما اختص هو به صلى الله عليه وسلم من البعثة بسعة الرحمة والفضل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إن الله يأمر بالعدل والإحسان nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فمن القرآن
[ ص: 484 ] ما أنزل على الوجه الذي بعث له وجبل عليه ووصي به نحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادفع بالتي هي أحسن السيئة وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=85فاصفح الصفح الجميل وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89فاصفح عنهم وقل سلام وأصل معناه في مضمون قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم فما كان من المنزل على هذا الوجه تعاضدت فيه الوصية والكتاب وقبله هو صلى الله عليه وسلم جبلة وحالا وعملا ولم تكن له عنه وقفة لتظافر الأمرين وتوافق الخطابين: خطاب الوصية، وخطاب الكتاب; وهذا الوجه من المنزل خاص بالقرآن العظيم الذي هو خاص به صلى الله عليه وسلم، لم يؤته أحد قبله
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ومن القرآن ما أنزل على حكم العدل والحق المتقدم فضله في سنن الأولين وكتب المتقدمين وإمضاء عدل الله سبحانه في المؤاخذين والاكتفاء بوصل الواصل وإبعاد المستغني والإقبال على القاصد والانتقام من الشارد، وذلك خلاف ما جبل الله عليه نبيه وما وصى به حبيبه صلى الله عليه وسلم; فكان صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه -أي من الكتاب- على مقتضى الحق وإمضاء
[ ص: 485 ] العدل ترقب تخفيفه وترجى تيسيره حتى يعلن عليه بالإكراه في أخذه والتزام حكمه فحينئذ يقوم لله به ويظهر عذره في إمضائه فيكون له في خطاب التشديد عليه في أخذه أعظم مدح وأبلغ ثناء من الله ضد ما يتوهمه الجاهلون، فمما أنزل إنباء عن مدحه بتوقفه على إمضاء حكم العدل والحق رجاء تدارك الخلق واستعطاف الحق ما هو نحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=6فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ونحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ونحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ومما أنزل على وجه الإعلان عليه بما هو عليه من الرحمة وتوقفه على الأخذ بسنن الأولين حتى يكره عليه ليقوم عذره في الاقتصار على حكم الوصية وحال الجبلة ما هو نحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ونحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ونحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي: لا تتوقف لطلب الرحمة لهم كما - يتوقف الممتري في الشيء أو الشاك فيه لما قد علم أنه لا بد لأمته
[ ص: 486 ] من حظ من مضاء كلمة العدل فيهم وحق كلمة العذاب عليهم وإجراء بعضهم دون كلهم على سنة من تقدمهم من أهل الكتب الماضية في المؤاخذة بذنوبهم وإنفاذ حكم السطوة فيهم فأخذهم الله بذنوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=40فكلا أخذنا بذنبه ولم ينفعهم الرجوع عند مشاهدة الآيات
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلآن وقد عصيت قبل nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم وذلك أن كل مطالع بالعذاب راجع -ولا بد- عن باطله حين لا ينفعه
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=95وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا لما أبطن تعالى في قلب نبيهم عليه السلام عزما على هلاكهم، أظهر تعالى رحمة عليهم، ولما ملأ نبيه صلى الله عليه وسلم رحمة لأمته: كافرهم ومؤمنهم ومنافقهم، أشار بآي من إظهار مؤاخذتهم وأعلم بكف نبيه صلى الله عليه وسلم عن تألفهم وأحسبه بمؤمنهم دون كافرهم ومنافقهم
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين وكل ذلك معلوم عنده صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه بمضمون قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا [ ص: 487 ] nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=23سنة الله التي قد خلت من قبل nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=12كذلك نسلكه في قلوب المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=13لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين "ولذلك قال صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك "أما أنا فلا أشك ولا أسأل"؛ لأنه قد علم جملة أمر الله أن منهم من يتداركه الرحمة ومن يحق عليه كلمة العذاب، ولكنه لا يزال ملتزما لتألفهم واستجلابهم حتى يكره على ترك ذلك بعلن خطاب نحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس وتولى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=2أن جاءه الأعمى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وما يدريك لعله يزكى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=4أو يذكر فتنفعه الذكرى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أما من استغنى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=6فأنت له تصدى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=7وما عليك ألا يزكى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=8وأما من جاءك يسعى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=9وهو يخشى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=10فأنت عنه تلهى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=11كلا إنها تذكرة nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=12فمن شاء ذكره ونحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم فهذه الآي ونحوها يسمعها العالم بموقعها على إكراه لنبي الرحمة حتى يرجع إلى عدل نبي الملحمة من جملة أمداح القرآن له والشهادة بوفائه بعهد ووصية حتى تحقق له تسميته بنبي الرحمة ثابتا على الوصية ونبي الملحمة إمضاء في وقت
[ ص: 488 ] لحكم الحق وإظهار العدل، فهو صلى الله عليه وسلم بكل القرآن ممدوح وموصوف بالخلق العظيم جامع لما تضمنته كتب الماضين وما اختصه الله به من سعة القرآن العظيم، فهذا وجه تفاوت ما بين الوصية والكتاب في محكم الخطاب; والله سميع عليم. انتهى.
وَلَمَّا بَكَّتَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِعْرَاضِ لِأَجْلِ التَّخَلُّفِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهِ كَاذِبًا، أَقْبَلَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِتَابِ فِي لَذِيذِ الْخِطَابِ عَلَى الِاسْتِرْسَالِ فِي اللِّينِ لَهُمْ وَالِائْتِلَافِ وَأَخْذِ الْعَفْوِ وَتَرْكِ الْخِلَافِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ، فَقَالَ مُؤْذِنًا بِأَنَّهُمْ مَا تَخَلَّفُوا إِلَّا بِإِذْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَعْذَارٍ ادَّعَوْهَا كَاذِبِينَ فِيهَا كَمَا كَذَبُوا فِي هَذَا الْحَلِفِ، مُقَدِّمًا لِلدُّعَاءِ عَلَى الْعِتَابِ لِشِدَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ وَاللُّطْفِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28751_31061_31791_34166_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عَفَا اللَّهُ أَيْ: ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43عَنْكَ وَهَذَا كَمَا كَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ لِأَكَابِرِهِمْ بِأَنْ يَقُولُوا: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، وَالْمَلِكَ - وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ إِلَّا لِمَا يَرَى أَنَّهُ يُرْضِي اللَّهَ مِنْ تَأَلُّفِهِمْ وَنَحْوِهِ، بَيَّنَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَرْضَى مِنْهُ تَرْكَ الْإِذْنِ فَقَالَ كِنَايَةً عَنْ ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ أَيْ: فِي التَّخَلُّفِ عَنْكَ تَمَسُّكًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَمْرِ بِاللِّينِ لَهُمْ وَالصَّفْحِ عَنْهُمْ مُوَافِقًا لِمَا جُبِلْتَ عَلَيْهِ مِنْ مَحَبَّةِ الرِّفْقِ، وَهَذَا إِنَّمَا
[ ص: 482 ] كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِخَوْفِ التَّنَازُعِ وَالْفِتْنَةِ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَلَا الدِّينُ وَتَمَكَّنَ أَمْرُ الْمُؤْمِنِينَ فَالْمَأْمُورُ بِهِ الْإِغْلَاظُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَهَلَّا تَرَكْتَ الْإِذْنَ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ أَيْ: غَايَةَ الْبَيَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43الَّذِينَ صَدَقُوا أَيْ: فِي الْتِزَامِ الْأَوَامِرِ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ مِنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=43وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ أَيْ: فِيمَا أَظْهَرُوا مِنَ الْإِيمَانِ بِاللِّسَانِ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُمْ لَقَعَدُوا بِلَا إِذْنٍ غَيْرَ مُرَاعِينَ مِيثَاقَهُمُ الَّذِي وَاثَقُوكَ عَلَيْهِ بِالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ; قَالَ
أَبُو حَيَّانَ : وَ " حَتَّى " غَايَةُ الِاسْتِفْهَامِ. انْتَهَى؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا عَلَى فِعْلٍ مُثْبَتٍ فَمَعْنَاهُ النَّفْيُ، أَيْ: مَا لَكَ لَمْ تَحْمِلْهُمْ عَلَى الْغَزْوِ مَعَكَ لِيَتَحَقَّقَ بِذَلِكَ الْحَمْلِ مَنْ يُطِيعُ وَمَنْ يَعْصِي، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَنٌ مُوَافِقٌ لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى بَلْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ إِمَّا بِإِيحَاءٍ وَاصِلٍ جَدِيدٍ، أَوِ اسْتِنَادٍ إِلَى وَحْيٍ سَابِقٍ حَاصِلٍ عَتِيدٍ، وَالَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ أَحْسَنُ مَثَلٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ مِنْ بَابِ "حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ" وَمِنْ بَابِ التَّرْقِيَةِ مِنْ مَقَامٍ عَالٍ إِلَى مَقَامٍ أَعْلَى تَسْيِيرًا فِيهِمْ بِالْعَدْلِ لِمَا انْكَشَفَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ الْفَضْلِ; قَالَ الْأُسْتَاذُ
nindex.php?page=showalam&ids=14085أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَالِّيُّ فِي آخِرِ كِتَابِ: "الْعُرْوَةُ فِي تَفَاوُتِ وَجْهِ الْخِطَابِ فِيمَا بَيْنَ
[ ص: 483 ] مَا أُنْزِلَ عَلَى وَفْقِ الْوَصِيَّةِ أَوْ أُنْزِلَ عَلَى حُكْمِ الْكِتَابِ": اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ لِجَمِيعِ الْعَالَمِينَ وَخَلَّقَهُ بِالْعَفْوِ وَالْمَعْرُوفِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَأَجْعَلُ الْعَفْوَ وَالْمَعْرُوفَ خُلَقَهُ" وَبِذَلِكَ وَصَّاهُ كَمَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
"أَوْصَانِي رَبِّي مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ وَلَا وَاسِطَةٍ بِسَبْعِ خِصَالٍ: بِخَشْيَةِ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَنْ أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي، وَأَصْفَحَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي، وَأُعْطِيَ مَنْ حَرَمَنِي، وَأَنْ يَكُونَ نُطْقِي ذِكْرًا، وَصَمْتِي فِكْرًا، وَنَظَرِي عِبْرَةً".
فَكَانَ فِيمَا أَوْصَاهُ بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ غَيْرِ تُرْجُمَانٍ وَلَا وَاسِطَةٍ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=20032_18033يَصِلَ مَنْ قَطَعَهُ وَيَصْفَحَ عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَلَا أَقْطَعَ لَهُ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَصَدَّ عَنْهُ، فَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُكْمِ مَا بُعِثَ بِهِ وَجُبِلَ عَلَيْهِ وَوُصِّيَ بِهِ - مُلْتَزِمًا لِلْعَفْوِ عَمَّنْ ظَلَمَهُ وَالْوَصْلِ لِمَنْ قَطَعَهُ إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ عَلَيْهِ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ وَالرُّجُوعِ إِلَى حَقِّ الْعَدْلِ وَالِاقْتِصَاصِ وَالِانْتِصَافِ الْمُخَالِفِ لِسِعَةِ وَصِيَّتِهِ الْمُوَافِقِ لِمَا نُقِلَ مِنْ أَحْكَامِ سُنَنِ الْأَوَّلِينَ فِي مُؤَاخَذَتِهِمْ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ إِلَى جَامِعِ شِرْعَتِهِ لِيُوجِدَ فِيهَا نَحْوَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَإِنْ قَلَّ، وَلِتَفَضُّلِ شِرْعَتِهِ بِمَا اخْتَصَّ هُوَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبِعْثَةِ بِسِعَةِ الرَّحْمَةِ وَالْفَضْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَمِنَ الْقُرْآنِ
[ ص: 484 ] مَا أُنْزِلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بُعِثَ لَهُ وَجُبِلَ عَلَيْهِ وَوُصِّيَ بِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=85فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=89فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ وَأَصْلُ مَعْنَاهُ فِي مَضْمُونِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ فَمًا كَانَ مِنَ الْمُنَزَّلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَعَاضَدَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ وَالْكِتَابُ وَقَبِلَهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبِلَّةً وَحَالًا وَعَمَلًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ عَنْهُ وَقْفَةٌ لِتَظَافُرِ الْأَمْرَيْنِ وَتَوَافُقِ الْخِطَابَيْنِ: خِطَابِ الْوَصِيَّةِ، وَخِطَابِ الْكِتَابِ; وَهَذَا الْوَجْهُ مِنَ الْمُنَزَّلِ خَاصٌّ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ خَاصٌّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُؤْتَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وَمِنَ الْقُرْآنِ مَا أُنْزِلَ عَلَى حُكْمِ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ الْمُتَقَدِّمِ فَضْلُهُ فِي سُنَنِ الْأَوَّلِينَ وَكُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِمْضَاءِ عَدْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي الْمُؤَاخَذِينَ وَالِاكْتِفَاءِ بِوَصْلِ الْوَاصِلِ وَإِبْعَادِ الْمُسْتَغْنِي وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْقَاصِدِ وَالِانْتِقَامِ مِنَ الشَّارِدِ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا جَبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ نَبِيَّهُ وَمَا وَصَّى بِهِ حَبِيبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ -أَيْ مِنَ الْكِتَابِ- عَلَى مُقْتَضَى الْحَقِّ وَإِمْضَاءِ
[ ص: 485 ] الْعَدْلِ تَرَقَّبَ تَخْفِيفَهُ وَتَرَجَّى تَيْسِيرَهُ حَتَّى يُعْلَنَ عَلَيْهِ بِالْإِكْرَاهِ فِي أَخْذِهِ وَالْتِزَامِ حُكْمِهِ فَحِينَئِذٍ يَقُومُ لِلَّهِ بِهِ وَيُظْهِرُ عُذْرَهُ فِي إِمْضَائِهِ فَيَكُونُ لَهُ فِي خِطَابِ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي أَخْذِهِ أَعْظَمُ مَدْحٍ وَأَبْلَغُ ثَنَاءٍ مِنَ اللَّهِ ضِدَّ مَا يَتَوَهَّمُهُ الْجَاهِلُونَ، فَمِمَّا أُنْزِلَ إِنْبَاءً عَنْ مَدْحِهِ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى إِمْضَاءِ حُكْمِ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ رَجَاءً تَدَارُكِ الْخَلْقِ وَاسْتِعْطَافِ الْحَقِّ مَا هُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=6فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ وَمِمَّا أُنْزِلَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَانِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى الْأَخْذِ بِسُنَنِ الْأَوَّلِينَ حَتَّى يُكْرَهَ عَلَيْهِ لِيَقُومَ عُذْرُهُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى حُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَحَالِ الْجِبِلَّةِ مَا هُوَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ أَيْ: لَا تَتَوَقَّفْ لِطَلَبِ الرَّحْمَةِ لَهُمْ كَمَا - يَتَوَقَّفُ الْمُمْتَرِي فِي الشَّيْءِ أَوِ الشَّاكُّ فِيهِ لِمَا قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِأُمَّتِهِ
[ ص: 486 ] مِنْ حَظٍّ مِنْ مَضَاءِ كَلِمَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ وَحَقِّ كَلِمَةِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ وَإِجْرَاءِ بَعْضِهِمْ دُونَ كُلِّهِمْ عَلَى سُنَّةِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُتُبِ الْمَاضِيَةِ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِذُنُوبِهِمْ وَإِنْفَاذِ حُكْمِ السَّطْوَةِ فِيهِمْ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=40فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ وَلَمْ يَنْفَعْهُمُ الرُّجُوعُ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْآيَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=13لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُطَالَعٍ بِالْعَذَابِ رَاجِعٌ -وَلَا بُدَّ- عَنْ بَاطِلِهِ حِينَ لَا يَنْفَعُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=95وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِمَا أَبْطَنَ تَعَالَى فِي قَلْبِ نَبِيِّهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَزْمًا عَلَى هَلَاكِهِمْ، أَظْهَرَ تَعَالَى رَحْمَةً عَلَيْهِمْ، وَلَمَّا مَلَأَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةً لِأُمَّتِهِ: كَافِرِهِمْ وَمُؤْمِنِهِمْ وَمُنَافِقِهِمْ، أَشَارَ بِآيٍ مِنْ إِظْهَارِ مُؤَاخَذَتِهِمْ وَأَعْلَمَ بِكَفِّ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَأَلُّفِهِمْ وَأَحْسَبَهُ بِمُؤْمِنِهِمْ دُونَ كَافِرِهِمْ وَمُنَافِقِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وُقُوعِهِ بِمَضْمُونِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا [ ص: 487 ] nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=23سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=12كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=13لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ "وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=94فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ "أَمَّا أَنَا فَلَا أَشُكُّ وَلَا أَسْأَلُ"؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ جُمْلَةَ أَمْرِ اللَّهِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَتَدَارَكُهُ الرَّحْمَةُ وَمَنْ يَحِقُّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَزَالُ مُلْتَزِمًا لِتَأَلُّفِهِمْ وَاسْتِجْلَابِهِمْ حَتَّى يُكْرَهَ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ بِعَلَنِ خِطَابٍ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ وَتَوَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=2أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=4أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=6فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=7وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=8وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=9وَهُوَ يَخْشَى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=10فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=11كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=12فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَهَذِهِ الْآيُ وَنَحْوَهَا يَسْمَعُهَا الْعَالِمُ بِمَوْقِعِهَا عَلَى إِكْرَاهٍ لِنَبِيِّ الرَّحْمَةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى عَدْلِ نَبِيِّ الْمَلْحَمَةِ مِنْ جُمْلَةِ أَمْدَاحِ الْقُرْآنِ لَهُ وَالشَّهَادَةِ بِوَفَائِهِ بِعَهْدٍ وَوَصِيَّةٍ حَتَّى تَحَقَّقَ لَهُ تَسْمِيَتُهُ بِنَبِيِّ الرَّحْمَةِ ثَابِتًا عَلَى الْوَصِيَّةِ وَنَبِيِّ الْمَلْحَمَةِ إِمْضَاءً فِي وَقْتٍ
[ ص: 488 ] لِحُكْمِ الْحَقِّ وَإِظْهَارِ الْعَدْلِ، فَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ الْقُرْآنِ مَمْدُوحٌ وَمَوْصُوفٌ بِالْخُلُقِ الْعَظِيمِ جَامِعٌ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ كُتُبُ الْمَاضِينَ وَمَا اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ سِعَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَهَذَا وَجْهُ تَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْكِتَابِ فِي مُحْكَمِ الْخِطَابِ; وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. انْتَهَى.