ولما كانت المقدورات لا تحصر؛ وأكثرها نعم على العباد؛ مذكرة لهم بخالقهم؛ قال (تعالى) - ممتنا عليهم بإحسانه من غير سبب منهم -: وإن تعدوا ؛ أي: كلكم؛ نعمة الله ؛ أي: إنعام الملك؛ الذي لا رب غيره؛ عليكم؛ وإن كان في واحدة؛ فإن شعبها تفوت الحصر؛ لا تحصوها ؛ أي: لا تضبطوا عددها؛ ولا تبلغه طاقتكم؛ مع كفرها وإعراضكم جملة عن شكرها؛ فلو شكرتم لزادكم من فضله.
ولما كانوا مستحقين لسلب النعم بالإعراض عن التذكر؛ والعمى عن التبصر؛ أشار إلى سبب إدرارها؛ فقال (تعالى): إن الله ؛ أي: الذي له صفات الكمال؛ بجميع صفات الإكرام والانتقام؛ لغفور رحيم ؛ فلذلك هو يدر عليكم نعمه؛ وأنتم منهمكون فيما يوجب نقمه.