ثم رغبهم في التوبة؛ بقوله: الذين تتوفاهم ؛ بالفوقية؛ في قراءة الجمهور؛ لأن الجمع مؤنث؛ وبالتحتية في قراءة لأن المجموع غير مؤنث؛ وكان وفاتهم على وجهين: وجه خفيف؛ بما أشار إليه التأنيث؛ لخفة كفر صاحبه؛ وآخر ثقيل شديد؛ لشدة كفر صاحبه؛ ولم يحذف شيء من التاءين؛ للإشارة إلى نقصان حالهم؛ لأنه لا يمكن خيرها لموتهم على الكفر؛ بخلاف ما تقدم في تارك الهجرة في "النساء"؛ حمزة؛ الملائكة ؛ أي: الموكلون بالموت؛ حال كونهم ظالمي أنفسهم ؛ بوضعها من الاستكبار على الملك الجبار غير موضعها.
فلما تم ذلك على هذا الوجه البديع؛ والأسلوب الرفيع المنيع؛ ابتدأ الخبر عن جوابهم؛ على وجه معلم بحالهم؛ فقال: فألقوا ؛ أي: من أنفسهم؛ عقب قول الأولياء؛ وبسبب سؤال ذي الكبرياء؛ السلم ؛ أي: المقادة؛ والخضوع؛ بدل ذلك التكبر؛ والعلو؛ قائلين [ ص: 145 ] - ارتكابا للكذب من غير احتشام -: ما كنا نعمل ؛ وأعرقوا في النفي؛ فقالوا: من سوء ؛ فكأنه قيل: إن هذا لبهتان عظيم في ذلك اليوم الجليل؛ فماذا قيل لهم؟ فقيل: بلى ؛ قد عملتم أعظم السوء; ثم علل تكذيبهم بقوله: إن الله ؛ أي: المحيط بكل شيء؛ عليم ؛ أي: بالغ العلم من كل وجه؛ بما كنتم ؛ أي: جبلة وطبعا؛ تعملون ؛ أي: من الضلال؛ والإضلال؛ فلا يسعكم الإنكار؛ أفما آن لكم أن تنزعوا عن الجهل فيما يضركم ولا ينفعكم؛ ويخفضكم ولا يرفعكم؟!