[ ص: 190 ] ولما كان حاصل ما مضى الخلاف؛ والضلال؛ والنقمة؛ كان كأنه قيل: فبين لهم؛ وخوفهم؛ ليرجعوا؛ فإنا ما أرسلناك إلا لذلك؛ وما أنـزلنا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ من جهة العلو؛ عليك الكتاب ؛ أي: الجامع لكل هدى؛ ولما كان في سياق الدعاء؛ والبيان؛ عبر بما يقتضي الإيجاب؛ فقال: إلا لتبين ؛ أي: غاية البيان؛ لهم ؛ أي: لمن أرسلت إليهم؛ وهم الخلق كافة؛ الذي اختلفوا فيه ؛ من جميع الأمور؛ دينا ودنيا؛ لكونك أغزرهم علما؛ وأثقبهم فهما؛ وعطف على موضع "لتبين"؛ ما هو فعل المنزل؛ فقال (تعالى): وهدى ؛ أي: بيانا شافيا؛ ورحمة ؛ أي: وإكراما بمحبة.
ولما كان ذلك ربما شملهم؛ وهم على ضلالهم؛ نفاه بقوله (تعالى): لقوم يؤمنون ؛ والتبيين: معنى يؤدي إلى العلم بالشيء؛ منفصلا عن غيره؛ وقد يكون عن المعنى نفسه؛ وقد يكون عن صحته؛ والبرهان لا يكون إلا عن صحته؛ فهو أخص؛ والاختلاف: ذهاب كل إلى غير جهة صاحبه؛ والهدى: بيان طريق العلم المؤدي إلى الحق.