ثم أتبعه بقاطع في بيان جهلهم؛ فقال - منبها على أنهم أولى بالإنكار؛ عاطفا على ما تقديره: "ألم يروا أن الله الذي ابتدأ خلقهم قادر على أن يعيدهم" -: أولم يروا ؛ أي: يعلموا بعيون بصائرهم؛ علما هو كالرؤية بعيون أبصارهم؛ لما قام عليه من الدلائل؛ ونادى بصحته من الشواهد الجلائل؛ أن الله ؛ أي: الملك الأعلى؛ المحيط بكل شيء قدرة وعلما؛ لا غيره؛ الذي خلق السماوات ؛ جمعها لما دل على ذلك من الحسن؛ ولما لم يكن للأرض مثل ذلك أفردها؛ مريدا الجنس الصالح للجمع؛ فقال (تعالى): والأرض ؛ على كبر أجرامها؛ وعظم إحكامها؛ وشدة أجزائها؛ وسعة أرجائها؛ وكثرة ما فيها من المرافق؛ والمعاون؛ التي يمزقها ويفنيها؛ ثم يجددها ويحييها؛ قادر على أن يخلق ؛ أي: يجدد في [ ص: 519 ] أي وقت أراد؛ مثلهم ؛ بدءا؛ فكيف بالإعادة؟! وهم أضغف أمرا؛ وأحقر شأنا؛ " و " ؛ أنه؛ " جعل لهم أجلا " ؛ لعذابهم؛ أو موتهم؛ أو بعثهم؛ لأنه معلوم في نفسه؛ لا ريب فيه ؛ بوجه من الوجوه؛ لما تكرر لهم من مشاهدة أنه لا تؤخر نفس إذا جاء أجلها؛ وكذا لا تقدم على أجلها؛ فكم ممن اجتهد الضراغمة الأبطال وفحول الرجال في ضره؛ أو قتله; وهم قاطعون أنه في قبضتهم؛ فلم يقدروا على ذلك؛ ثم كان ذلك بأضعف الناس؛ أو بأوهى سبب؛ فعلم بذلك أنه المنفرد بالقدرة على الإيجاد؛ والإعدام؛ فأبى ؛ أي: بلى؛ قد علموا ذلك علما كالمحسوس المرئي؛ فتسبب عن ذلك السبب للإيمان أن أبوا - هكذا كان الأصل؛ فأظهر تعميما؛ وتعليقا بالوصف؛ فقال: الظالمون ؛ أي: أبى هؤلاء المتعنتون؛ لظلمهم؛ إلا كفورا ؛ أي: جحودا؛ لعدم الشركة.