ولما بين ما للفريقين، وتضمن ما للفريق الثاني بيان أعمالهم الدالة على صدق إيمانهم، كرر ذكر الفريق الأول لبيان ما يدل على استمرار كفرهم، ويؤكد بيان جزائهم، فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=30857_33010_33014_34330_34370_34371_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25إن الذين كفروا أي أوقعوا هذا الفعل الخبيث. ولما كان المضارع قد لا يلحظ منه زمان معين من حال أو استقبال، بل يكون المقصود منه الدلالة على مجرد الاستمرار كقولهم: فلان يعطي ويمنع، قال عاطفا له على الماضي:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25ويصدون أي ويديمون الصد
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25عن سبيل الله أي الملك الأعظم، باقتسامهم طرق
مكة ، وقول بعضهم لمن يمر به: خرج فينا ساحر، وآخر يقول شاعر، وآخر: كاهن، فلا تسمعوا منه، فإنه يريد أن يردكم عن دينكم; قال بعض من أسلم: لم يزالوا بي حتى جعلت في أذني الكرسف مخافة أن أسمع شيئا من كلامهم. وكانوا يؤذون من أسلم - إلى غير ذلك من أعمالهم، ولعله إنما عبر بالمضارع رحمة منه لهم ليكون كالشرط في الكفر فيدل على
[ ص: 34 ] أن من ترك الصد زال عنه الكفر وإن طال ذلك منه ( و ) يصدون عن " المسجد الحرام " أن تقام شعائره من الطواف فيه
بالبيت والصلاة والحج والاعتمار ممن هو أهل ذلك من أوليائنا. ثم وصفه بما يبين شديد ظلمهم في الصد عنه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25الذي جعلناه بما لنا من العظمة
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25للناس أي كلهم; ثم بين جعله لهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سواء العاكف فيه أي المقيم
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25والباد أي الزائر له من البادية; قال
الرازي في اللوامع:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سواء رفع بالابتداء، و
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25العاكف خبره، وصلح من تنكيره للابتداء، لأنه كالجنس في إفادة العموم الذي هو أحسن العهد.
ولما ذكر الكفار ودليل كفرهم بما استعطفهم، وزاد في الاستعطاف بحذف الخبر عنهم، ودل آخر الآية على أنه يذيقهم العذاب الأليم، عطف عليه ما ينفر عن وصفهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25ومن يرد فيه أي شيئا من أفعال الكفار من الصد المذكور وغيره، أي يقع منه إرادة لشيء من ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25بإلحاد أي مصاحبة تلك الإرادة وملتبسة بجور عن الأمر بالمعروف وميل واعوجاج. ولما كان ذلك يقع على مطلق هذا المعنى، بين المراد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25بظلم أي في غير موضعه، وأما صد الكفار عنه فإنه بحق، لأنهم نجس لا ينبغي قربانهم المحال المقدسة، وكذا صد الحائض والجنب والخائن
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25نذقه ولما كان المشروط نوعا من الإلحاد، لا الإلحاد الكامل، عبر بقوله
[ ص: 35 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25من عذاب أليم ودل هذا الخبر عمن أراد شيئا مما فعله الكفار أن الخبر عن الكفار الفاعلين لما رتب هذا الجزاء على إرادته ما قدرته.
وَلَمَّا بَيَّنَ مَا لِلْفَرِيقَيْنِ، وَتَضَمَّنَ مَا لِلْفَرِيقِ الثَّانِي بَيَانُ أَعْمَالِهِمُ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِهِمْ، كَرَّرَ ذِكْرَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ لِبَيَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِمْرَارِ كُفْرِهِمْ، وَيُؤَكِّدُ بَيَانَ جَزَائِهِمْ، فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=30857_33010_33014_34330_34370_34371_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ أَوْقَعُوا هَذَا الْفِعْلَ الْخَبِيثَ. وَلَمَّا كَانَ الْمُضَارِعُ قَدْ لَا يُلْحَظُ مِنْهُ زَمَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ حَالٍ أَوِ اسْتِقْبَالٍ، بَلْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الدَّلَالَةَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِمْرَارِ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ، قَالَ عَاطِفًا لَهُ عَلَى الْمَاضِي:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25وَيَصُدُّونَ أَيْ وَيُدِيمُونَ الصَّدَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيِ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ، بِاقْتِسَامِهِمْ طُرَقَ
مَكَّةَ ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لِمَنْ يَمُرُّ بِهِ: خَرَجَ فِينَا سَاحِرٌ، وَآخَرُ يَقُولُ شَاعِرٌ، وَآخَرُ: كَاهِنٌ، فَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَرُدَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ; قَالَ بَعْضُ مَنْ أَسْلَمَ: لَمْ يَزَالُوا بِي حَتَّى جَعَلْتُ فِي أُذُنَيَّ الْكُرْسُفَ مَخَافَةَ أَنْ أَسْمَعَ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِمْ. وَكَانُوا يُؤْذُونَ مَنْ أَسْلَمَ - إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ لِيَكُونَ كَالشَّرْطِ فِي الْكُفْرِ فَيَدُلُّ عَلَى
[ ص: 34 ] أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّدَّ زَالَ عَنْهُ الْكُفْرُ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ مِنْهُ ( و ) يَصُدُّونَ عَنِ " الْمَسْجِد الْحَرَام " أَنْ تُقَامَ شَعَائِرُهُ مِنَ الطَّوَافِ فِيهِ
بِالْبَيْتِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ مِمَّنْ هُوَ أَهْلُ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا. ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا يُبَيِّنُ شَدِيدَ ظُلْمِهِمْ فِي الصَّدِّ عَنْهُ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25الَّذِي جَعَلْنَاهُ بِمَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25لِلنَّاسِ أَيْ كُلِّهِمْ; ثُمَّ بَيَّنَ جَعْلَهُ لَهُمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ أَيِ الْمُقِيمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25وَالْبَادِ أَيِ الزَّائِرُ لَهُ مِنَ الْبَادِيَةِ; قَالَ
الرَّازِي فِي اللَّوَامِعِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25سَوَاءً رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25الْعَاكِفُ خَبَرَهُ، وَصَلَحَ مِنْ تَنْكِيرِهِ لِلِابْتِدَاءِ، لِأَنَّهُ كَالْجِنْسِ فِي إِفَادَةِ الْعُمُومِ الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ الْعَهْدِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ الْكُفَّارَ وَدَلِيلَ كُفْرِهِمْ بِمَا اسْتَعْطَفَهُمْ، وَزَادَ فِي الِاسْتِعْطَافِ بِحَذْفِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ، وَدَلَّ آخِرُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ يُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، عَطَفَ عَلَيْهِ مَا يُنَفِّرُ عَنْ وَصْفِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ أَيْ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ مِنَ الصَّدِّ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ، أَيْ يَقَعُ مِنْهُ إِرَادَةٌ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25بِإِلْحَادٍ أَيْ مُصَاحَبَةُ تِلْكَ الْإِرَادَةِ وَمُلْتَبِسَةٌ بِجَوْرٍ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَمَيْلٍ وَاعْوِجَاجٍ. وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى مُطْلَقِ هَذَا الْمَعْنَى، بَيَّنَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25بِظُلْمٍ أَيْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا صَدُّ الْكُفَّارِ عَنْهُ فَإِنَّهُ بِحَقٍّ، لِأَنَّهُمْ نَجَسٌ لَا يَنْبَغِي قُرْبَانُهُمُ الْمَحَالَّ الْمُقَدَّسَةَ، وَكَذَا صَدُّ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالْخَائِنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25نُذِقْهُ وَلَمَّا كَانَ الْمَشْرُوطُ نَوْعًا مِنَ الْإِلْحَادِ، لَا الْإِلْحَادَ الْكَامِلَ، عَبَّرَ بِقَوْلِهِ
[ ص: 35 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَدَلَّ هَذَا الْخَبَرُ عَمَّنْ أَرَادَ شَيْئًا مِمَّا فَعَلَهُ الْكُفَّارُ أَنَّ الْخَبَرَ عَنِ الْكُفَّارِ الْفَاعِلِينَ لِمَا رُتِّبَ هَذَا الْجَزَاءُ عَلَى إِرَادَتِهِ مَا قَدَّرْتُهُ.