ولما كان من المعلوم أنهما امتثلا ما أمرهما الله ، فأتياه وقالا له ما أمرا به ، تشوفت النفس إلى جوابه لهما ، فقال تعالى التفاتا إلى مثل قوله في التي قبلها : وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام و إن يتخذونك إلا هزوا ونحو ذلك تسلية لهذا النبي الكريم وتحقيقا لمعنى قوله تعالى ، كلا و مستمعون من أن فرعون وإن بالغ في الإبراق والإرعاد لا يروع موسى عليه السلام شيء منه : قال أي : فرعون حين أبلغاه الرسالة مخاطبا لموسى عليه السلام علما منه أنه الأصل فيها ، وأخوه إنما هو وزير ، منكرا عليه مواجهته بمثل هذا ومانا عليه ليكف من جرأته بتصويب مثل هذا الكلام إليه : ألم نربك أي : بعظمتنا التي شاهدتها ، فينا وليدا أي : صغيرا قريب عهد بالولادة ، ولبثت فينا أي : لا في غيرنا ، باعتبار انقطاعك إلينا ، وتعززك في الظاهر بنا [ ص: 21 ] من عمرك سنين أي : كثيرة ، فلنا عليك بذلك من الحق ما ينبغي أن يمنعك من مواجهتنا بمثل هذا ، وكأنه عبر بما يفهم النكد كناية عن مدة مقامه عنده بأنها كانت نكده لأنه وقع فيما كان يخافه ، وفاته ما كان يحتاط به من ذبح الأطفال.