ولما كان العلم واقعا بأنه يفعل ما أمر به لا محالة ، وأنه لا يدفعه [ ص: 157 ] إلا إلى ، تشوفت النفس إلى قولها عند ذلك ، فكان كأنه قيل : فأخذ الكتاب وذهب به ، فلما ألقاه إليها وقرأته ، وكانت قارئة كاتبة من قوم تبع الملكة التي بالغ في وصفها قالت لقومها بعد أن جمعتهم معظمة لهم ، أو لأشرافهم فقط : يا أيها الملأ أي : الأشراف.
ولما كان من شأن الملوك أن لا يصل إليهم أحد بكتاب ولا غيره إلا على أيدي جماعتهم ، عظمت هذا الكتاب بأنه وصل إليها على غير ذلك المنهاج فبنت للمفعول قولها : إني ألقي إلي أي : بإلقاء ملق على وجه غريب كتاب أي : صحيفة مكتوب فيها كلام وجيز جامع.
ولما كان الكريم -كما تقدم في الرعد- من ستر مساوئ الأخلاق بإظهار معاليها لأنه ضد اللئيم ، وكان هذا الكتاب قد حوى من الشرف أمرا باهرا لم يعهد مثله من جهة المرسل والرسول والافتتاح بالاسم الأعظم إلى ما له من وجازة اللفظ وبلوغ المعنى ، قالت : كريم