وأشار إلى سرعة مجيئها إشارة إلى خضوعها بالتعبير بالفاء في قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فلما جاءت وكان مجيئها - على ما قيل - في اثنى عشر ألف قيل من وجوه
اليمن ، تحت يد كل قيل ألوف كثيرة ، وكانت قد وضعت عرشها داخل بيت منيع ، ووكلت به حراسا أشداء
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42قيل أي : لها وقد رأت عرشها بعد تنكيره بتقليب نصبه وتغييره ، من قائل لا يقدر على السكوت عن جوابه لما نالها من الهيبة وخالطها من الرعب من عظيم ما رأت ، فقرعها بكلمة تشمل على أربع كلمات : هاء التنبيه ، وكاف التشبيه ، واسم الإشارة ،
[ ص: 168 ] مصدرة بهمزة الاستفهام ، أي : تنبهي ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42أهكذا أمثل ذا العرش
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42عرشك قالت عادلة عن حق الجواب من "نعم" أو "لا" إشارة إلى أنها غلب على ظنها أنه هو بعينه كما قالوا في "كأن زيدا قائم" :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كأنه هو وذلك يدل على ثبات كبير ، وفكر ثاقب ، ونظر ثابت ، وطبع منقاد ، لتجويز المعجزات والإذعان لها مع دهشة القدوم ، واشتغال الفكر بما دهمها من هيبته وعظيم أمره ، فعلم
سليمان عليه السلام [رجاحة عقلها وبطلان ما قال الشياطين من نقصه خوفا من أن يتزوجها فتفشي عليه أسرار الجن لأن أمها كانت جنية] على ما قيل ، وقالوا : إن رجلها كحافر الحمار ، وإنها كثيرة الشعر جدا.
ولما كانت مع ذلك قد شبه عليها ولم تصل إلى حاق الانكشاف مع أنها غلبت على عرشها مع الاحتفاظ عليه ، استحضر صلى الله عليه وسلم ما خصه الله به من العلم زيادة في حثه على الشكر ، فقال عاطفا على ما تقديره : فأوتيت من أمر عرشها علما ، ولكنه يخالجه شك ، فدل على أنها في الجملة من أهل العلم المهيئ للهداية ، أو يكون التقدير
[ ص: 169 ] بما دل عليه ما يلزم من قولها "كأنه" : فجهلت أمر عرشها على كثرة ملابستها له :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وأوتينا معبرا بنون الواحد المطاع ، لاسيما والمؤتى سبب لعظمة شرعية ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=18467العلم الذي لا يقدر على إيتائه غير الله ، ولذلك بني الفعل للمفعول لأن فاعله معلوم
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42العلم أي : بجميع ما آتانا الله علمه ، ومنه أنه يخفى عليها
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42من قبلها أي : من قبل إتيانها ، بأن عرشها يشتبه عليها ، أو من قبل علمها بما ظنت من أمر عرشها ، أو أنا وأسلافي من قبل وجودها ، فنحن عريقون في العلم ، فلذلك نحن على حقيقة من جميع أمورنا ، وإنما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41ننظر أتهتدي بالنسبة إلى جنوده.
ثم ذكر السبب في وجود العلم واتساعه وثباته فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وكنا أي : مع العلم الذي هيأنا الله له بما جعل في غرائزنا من النورانية
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42مسلمين أي : خاضعين لله تعالى عريقين في ذلك مقبلين على جميع أوامره بالفعل على حسب أمره كما أشار إليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واتقوا الله ويعلمكم الله nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=9يهديهم ربهم بإيمانهم
وَأَشَارَ إِلَى سُرْعَةِ مَجِيئِهَا إِشَارَةً إِلَى خُضُوعِهَا بِالتَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فَلَمَّا جَاءَتْ وَكَانَ مَجِيئُهَا - عَلَى مَا قِيلَ - فِي اثَّنَىْ عَشَرَ أَلْفَ قَيْلٍ مِنْ وُجُوهِ
الْيَمَنِ ، تَحْتَ يَدِ كُلِّ قَيْلٍ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ ، وَكَانَتْ قَدْ وَضَعَتْ عَرْشَهَا دَاخِلَ بَيْتٍ مَنِيعٍ ، وَوَكَّلَتْ بِهِ حُرَّاسًا أَشِدَّاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42قِيلَ أَيْ : لَهَا وَقَدْ رَأَتْ عَرْشَهَا بَعْدَ تَنْكِيرِهِ بِتَقْلِيبِ نَصْبِهِ وَتَغْيِيرِهِ ، مِنْ قَائِلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِهِ لِمَا نَالَهَا مِنَ الْهَيْبَةِ وَخَالَطَهَا مِنَ الرُّعْبِ مِنْ عَظِيمِ مَا رَأَتْ ، فَقَرَّعَهَا بِكَلِمَةٍ تَشْمَلُ عَلَى أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : هَاءُ التَّنْبِيهِ ، وَكَافُ التَّشْبِيهِ ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ ،
[ ص: 168 ] مُصَدَّرَةً بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، أَيْ : تَنَبَّهِي ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42أَهَكَذَا أَمِثْلُ ذَا الْعَرْشِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42عَرْشُكِ قَالَتْ عَادِلَةً عَنْ حَقِّ الْجَوَابِ مِنْ "نَعَمْ" أَوْ "لَا" إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّهُ هُوَ بِعَيْنِهِ كَمَا قَالُوا فِي "كَأَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ" :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42كَأَنَّهُ هُوَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ثَبَاتٍ كَبِيرٍ ، وَفِكْرٍ ثَاقِبٍ ، وَنَظَرٍ ثَابِتٍ ، وَطَبْعٍ مُنْقَادٍ ، لِتَجْوِيزِ الْمُعْجِزَاتِ وَالْإِذْعَانِ لَهَا مَعَ دَهْشَةِ الْقُدُومِ ، وَاشْتِغَالِ الْفِكْرِ بِمَا دَهَمَهَا مِنْ هَيْبَتِهِ وَعَظِيمِ أَمْرِهِ ، فَعَلِمَ
سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ [رَجَاحَةَ عَقْلِهَا وَبَطَلَانَ مَا قَالَ الشَّيَاطِينُ مِنْ نَقْصِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَتُفْشِي عَلَيْهِ أَسْرَارَ الْجِنِّ لِأَنَّ أُمَّهَا كَانَتْ جِنِّيَّةً] عَلَى مَا قِيلَ ، وَقَالُوا : إِنَّ رِجْلَهَا كَحَافِرِ الْحِمَارِ ، وَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الشَّعْرِ جِدًّا.
وَلَمَّا كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ شُبِّهَ عَلَيْهَا وَلَمْ تَصِلْ إِلَى حَاقِ الِانْكِشَافِ مَعَ أَنَّهَا غُلِبَتْ عَلَى عَرْشِهَا مَعَ الِاحْتِفَاظِ عَلَيْهِ ، اسْتَحْضَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ زِيَادَةً فِي حَثِّهِ عَلَى الشُّكْرِ ، فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مَا تَقْدِيرُهُ : فَأُوتِيَتْ مِنْ أَمْرِ عَرْشِهَا عِلْمًا ، وَلَكِنَّهُ يُخَالِجُهُ شَكٌّ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمُهَيِّئِ لِلْهِدَايَةِ ، أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ
[ ص: 169 ] بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهَا "كَأَنَّهُ" : فَجَهِلَتْ أَمْرَ عَرْشِهَا عَلَى كَثْرَةِ مُلَابَسَتِهَا لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وَأُوتِينَا مُعَبِّرًا بِنُونِ الْوَاحِدِ الْمُطَاعِ ، لَاسِيَّمَا وَالْمُؤْتَى سَبَبٌ لِعَظَمَةٍ شَرْعِيَّةٍ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=18467الْعِلْمُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إِيتَائِهِ غَيْرُ اللَّهِ ، وَلِذَلِكَ بُنِيَ الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّ فَاعِلَهُ مَعْلُومٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42الْعِلْمَ أَيْ : بِجَمِيعِ مَا آتَانَا اللَّهُ عِلْمَهُ ، وَمِنْهُ أَنَّهُ يَخْفَى عَلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42مِنْ قَبْلِهَا أَيْ : مِنْ قَبْلِ إِتْيَانِهَا ، بِأَنَّ عَرْشَهَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهَا ، أَوْ مِنْ قَبْلِ عِلْمِهَا بِمَا ظَنَّتْ مِنْ أَمْرِ عَرْشِهَا ، أَوْ أَنَا وَأَسْلَافِي مِنْ قَبْلِ وُجُودِهَا ، فَنَحْنُ عَرِيقُونَ فِي الْعِلْمِ ، فَلِذَلِكَ نَحْنُ عَلَى حَقِيقَةٍ مِنْ جَمِيعِ أُمُورِنَا ، وَإِنَّمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُنُودِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ فِي وُجُودِ الْعِلْمِ وَاتِّسَاعِهِ وَثَبَاتِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وَكُنَّا أَيْ : مَعَ الْعِلْمِ الَّذِي هَيَّأَنَا اللَّهُ لَهُ بِمَا جَعَلَ فِي غَرَائِزِنَا مِنَ النُّورَانِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42مُسْلِمِينَ أَيْ : خَاضِعِينَ لِلَّهِ تَعَالَى عَرِيقَيْنِ فِي ذَلِكَ مُقْبِلِينَ عَلَى جَمِيعِ أَوَامِرِهِ بِالْفِعْلِ عَلَى حَسَبِ أَمْرِهِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=9يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ