ثم أقام الدليل على إبانته. وأنه يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم يختلفون ، بما أورد هنا في قصة
موسى عليه الصلاة والسلام
[ ص: 234 ] من الدقائق التي قل من يعلمها من حذاقهم ، على وجه معلم بما انتقم به من
فرعون وآله ، ومن لحق بهم
كقارون ، وأنعم به على
موسى عليه الصلاة والسلام وأتباعه ، ولذلك بسط فيها أمور القصة ما لم يبسط في غيرها فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=31907_32016_32238_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3نتلو أي : نقص قصا متتابعا متواليا بعضه في أثر بعض
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3عليك بواسطة
جبريل عليه الصلاة والسلام.
ولما كان المراد إنما هو
nindex.php?page=treesubj&link=32016قص ما هو من الأخبار العظيمة بيانا للآيات بعلم الجليات والخفيات ، والمحاسبة والمجازاة ، لا جميع الأخبار ، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3من نبإ موسى وفرعون أي : بعض خبرهما العظيم متلبسا هذا النبأ وكائنا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3بالحق أي : الذي يطابقه الواقع ، فإنا ما أخبرنا فيه بمستقبل إلا طابقه الكائن عند وقوعه ، ونبه على أن هذا البيان كما سبق إنما ينفع أولي الإذعان بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3لقوم يؤمنون أي : يجددون الإيمان في كل وقت عند كل حادثة لثبات إيمانهم ، فعلم أن المقصود منها هنا
nindex.php?page=treesubj&link=29629الاستدلال على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم الأمي بالاطلاع على المغيبات ، والتهديد بعلمه المحيط ، وقدرته الشاملة ، وأنه ما شاء كان ولا مدفع لقضائه ، ولا ينفع حذر من قدره ، فصح أنها دليل على قوله تعالى آخر تلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سيريكم آياته فتعرفونها [الآية ، ] ولذلك لخصت رؤوس أخبار القصة ، فذكرت فيها أمهات الأمور الخفية ودقائق أعمال من ذكر
[ ص: 235 ] فيها من
موسى عليه الصلاة والسلام وأمه
وفرعون وغيرهم إلى ما تراه من الحكم التي لا يطلع عليها إلا عالم بالتعلم أو بالوحي ، ومعلوم لكل مخاطب بذلك انتفاء الأول عن المنزل عليه هذا الذكر صلى الله عليه وسلم ، فانحصر الأمر في الثاني ، يوضح لك هذا المرام مع هذه الآية الأولى التي ذكرتها قوله تعالى في آخر القصة :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت بجانب الغربي nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46وما كنت بجانب الطور وإتباع القصة بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=51ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون فالمراد بهذا السياق منها كما ترى غير ما تقدم من سياقاتها كما مضى ، فلا تكرير في شيء من ذلك والله الهادي.
وقال
الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تضمن قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها إلى آخر السورة من التخويف والترهيب والإنذار والتهديد لما انجر معه الإشعار بأنه عليه الصلاة والسلام سيملك
مكة البلدة ويفتحها الله تعالى عليه ، ويذل عتاة
قريش ومتمرديهم ، ويعز أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن استضعفته
قريش من المؤمنين ، أتبع سبحانه ذلك بما قصه على نبيه من تطهير ما أشار إليه من
nindex.php?page=treesubj&link=31920قصة بني إسرائيل وابتداء امتحانهم بفرعون ، واستيلائه عليهم ، وفتكه بهم إلى [أن]
[ ص: 236 ] أعزهم الله وأظهرهم على عدوهم ، وأورثهم أرضهم وديارهم ، ولهذا أشار تعالى في كلا القصتين بقوله [في الأولى] :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سيريكم آياته فتعرفونها وفي الثانية بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=6ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ثم قص ابتداء أمر
فرعون وحذره واستعصامه بقتل ذكور الأولاد ثم لم يغن ذلك عنه من قدر الله شيئا ، ففي حاله عبرة لمن وفق للاعتبار ، ودليل على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=29687سبحانه المتفرد بملكه ، يؤتي ملكه من يشاء ، وينزعه ممن يشاء ، لا يزعه وازع ، ولا يمنعه عما يشاء مانع ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قل اللهم مالك الملك وقد أفصح قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض - الآية بما أشار إليه مجمل ما أوضحنا اتصاله من خاتمة النمل وفاتحة القصص ، ونحن نزيده بيانا بذكر لمع من تفسير ما قصد التحامه فنقول : إن قوله تعالى معلما لنبيه صلى الله عليه وسلم وآمرا :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إنما أمرت أن أعبد إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سيريكم آياته لا خفاء بما تضمن ذلك من التهديد ، وشديد الوعيد ، ثم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91رب هذه البلدة إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام سيفتحها ويملكها ، لأنه بلد ربه وملكه ، وهو عبده ورسوله ، وقد اختصه برسالته ، وله كل شيء ، فالعباد والبلاد ملكه ، ففي هذا من الإشارة مثل ما في قوله تعالى :
[ ص: 237 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وأن أتلو القرآن أي : ليسمعوه فيتذكروا ويتذكر من سبقت له السعادة ، ويلحظ سنة الله في العباد والبلاد، ويسمع ما جرى لمن عاند وعنى وكذب واستكبر ، فكيف وقصة [الله] وأخذه ولم يغن عنه حذره ، وأورث مستضعف عباده أرضه ودياره ، ومكن لهم في الأرض وأعز رسله وأتباعهم
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون أي : يصدقون ويعتبرون ويستدلون ويستوضحون ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سيريكم آياته يشير إلى ما حل بهم يوم
بدر ، وبعد ذلك إلى يوم فتح
مكة ، وإذعان من لم يكن يظن انقياده ، وإهلاك من طال تمرده وعناده ، وانقياد
العرب بجملتها بعد فتح
مكة ودخول الناس في الدين أفواجا ، وعزة أقوام وذلة آخرين ، بحاكم
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إن أكرمكم عند الله أتقاكم إلى أن فتح الله على الصحابة رضوان الله عليهم ما وعدهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فكان كما وعد ، فلما تضمنت هذه الآية ما أشير إليه ، أعقب بما هو في قوة أن لو قيل : ليس عتوكم بأعظم من عتو
فرعون وآله ، ولا حال مستضعفي المؤمنين
بمكة ممن قصدتم فتنته في دينه بدون حال بني إسرائيل حين كان
فرعون يمتحنهم بذبح أبنائهم ، فهلا تأملتم عاقبة الفريقين ، وسلكتم أنهج الطريقين؟ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم [ ص: 238 ] - إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فلو تأملتم ذلك لعلمتم أن
nindex.php?page=treesubj&link=19877_19881العاقبة للتقوى ، فقال سبحانه بعد افتتاح السورة إن
فرعون علا في الأرض ، ثم ذكر من خبره ما فيه عبرة ، وذكر سبحانه
nindex.php?page=treesubj&link=31908آياته الباهرة في أمر موسى عليه السلام وحفظه ورعايته وأخذ أم عدوه إياه
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا فلم يزل يذبح الأبناء خيفة من مولود يهتك ملكه حتى إذا كان ذلك المولود تولى بنفسه تربيته وحفظه وخدمته ليعلم لمن التدبير والإمضاء ، وكيف نفوذ سابق الحكم والقضاء ، فهلا سألت
قريش وسمعت وفكرت واعتبرت
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ثم أتبع سبحانه ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=31913بخروج موسى عليه السلام من أرضه فخرج منها خائفا يترقب ، وما ناله عليه السلام في ذلك الخروج من عظيم السعادة ، وفي ذلك منبهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على خروجه من
مكة وتعزية له وإعلام بأنه تعالى سيعيده إلى بلده ويفتحه عليه ، وبهذا المستشعر من هنا صرح آخر السورة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد وهذا كاف فيما قصد - انتهى.
ثُمَّ أَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَى إِبَانَتِهِ. وَأَنَّهُ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ يَخْتَلِفُونَ ، بِمَا أَوْرَدَ هُنَا فِي قِصَّةِ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
[ ص: 234 ] مِنَ الدَّقَائِقِ الَّتِي قَلَّ مَنْ يَعْلَمُهَا مِنْ حُذَّاقِهِمْ ، عَلَى وَجْهٍ مُعْلِمٍ بِمَا انْتَقَمَ بِهِ مِنْ
فِرْعَوْنَ وَآلِهِ ، وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ
كَقَارُونَ ، وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَى
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَتْبَاعِهِ ، وَلِذَلِكَ بَسَطَ فِيهَا أُمُورَ الْقِصَّةِ مَا لَمْ يَبْسُطْ فِي غَيْرِهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31907_32016_32238_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3نَتْلُو أَيْ : نَقُصُّ قَصًّا مُتَتَابِعًا مُتَوَالِيًا بَعْضُهُ فِي أَثَرِ بَعْضٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3عَلَيْكَ بِوَاسِطَةِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ إِنَّمَا هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=32016قَصُّ مَا هُوَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْعَظِيمَةِ بَيَانًا لِلْآيَاتِ بِعِلْمِ الْجَلِيَّاتِ وَالْخَفِيَّاتِ ، وَالْمُحَاسَبَةِ وَالْمُجَازَاةِ ، لَا جَمِيعُ الْأَخْبَارِ ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ أَيْ : بَعْضِ خَبَرِهِمَا الْعَظِيمِ مُتَلَبِّسًا هَذَا النَّبَأُ وَكَائِنًا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3بِالْحَقِّ أَيْ : الَّذِي يُطَابِقُهُ الْوَاقِعُ ، فَإِنَّا مَا أَخْبَرْنَا فِيهِ بِمُسْتَقْبَلٍ إِلَّا طَابَقَهُ الْكَائِنُ عِنْدَ وُقُوعِهِ ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيَانَ كَمَا سَبَقَ إِنَّمَا يَنْفَعُ أُولِي الْإِذْعَانِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ : يُجَدِّدُونَ الْإِيمَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ عِنْدَ كُلِّ حَادِثَةٍ لِثَبَاتِ إِيمَانِهِمْ ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُنَا
nindex.php?page=treesubj&link=29629الِاسْتِدْلَالُ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُمِّيِّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ ، وَالتَّهْدِيدِ بِعِلْمِهِ الْمُحِيطِ ، وَقُدْرَتِهِ الشَّامِلَةِ ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَلَا مَدْفَعَ لِقَضَائِهِ ، وَلَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرِهِ ، فَصَحَّ أَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى آخِرَ تِلْكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا [الْآيَةُ ، ] وَلِذَلِكَ لَخَّصَتْ رُؤُوسُ أَخْبَارِ الْقِصَّةِ ، فَذُكِرَتْ فِيهَا أُمَّهَاتُ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ وَدَقَائِقُ أَعْمَالِ مَنْ ذُكِرَ
[ ص: 235 ] فِيهَا مِنْ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأُمِّهِ
وَفِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمْ إِلَى مَا تَرَاهُ مِنَ الْحِكَمِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا عَالِمٌ بِالتَّعَلُّمِ أَوْ بِالْوَحْيِ ، وَمَعْلُومٌ لِكُلِّ مُخَاطَبٍ بِذَلِكَ انْتِفَاءُ الْأَوَّلِ عَنِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ هَذَا الذِّكْرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْحَصَرَ الْأَمْرُ فِي الثَّانِي ، يُوَضِّحُ لَكَ هَذَا الْمَرَامَ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ الْأُولَى الَّتِي ذَكَرْتُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْقِصَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ وَإِتْبَاعُ الْقِصَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=51وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فَالْمُرَادُ بِهَذَا السِّيَاقِ مِنْهَا كَمَا تَرَى غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ سِيَاقَاتِهَا كَمَا مَضَى ، فَلَا تَكْرِيرَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ الْهَادِي.
وَقَالَ
الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ : لَمَّا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ مِنَ التَّخْوِيفِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْإِنْذَارِ وَالتَّهْدِيدِ لَمَّا انْجَرَّ مَعَهُ الْإِشْعَارُ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَيَمْلِكُ
مَكَّةَ الْبَلْدَةَ وَيَفْتَحُهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ ، وَيُذِلُّ عُتَاةَ
قُرَيْشٍ وَمُتَمَرَّدِيهِمْ ، وَيُعِزُّ أَتْبَاعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ اسْتَضْعَفَتْهُ
قُرَيْشٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَتْبَعَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِمَا قَصَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مِنْ تَطْهِيرِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=31920قِصَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَابْتِدَاءِ امْتِحَانِهِمْ بِفِرْعَوْنَ ، وَاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِمْ ، وَفَتْكِهِ بِهِمْ إِلَى [أَنْ]
[ ص: 236 ] أَعَزَّهُمُ اللَّهُ وَأَظْهَرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ ، وَأَوْرَثَهُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ ، وَلِهَذَا أَشَارَ تَعَالَى فِي كِلَا الْقِصَّتَيْنِ بِقَوْلِهِ [فِي الْأُولَى] :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=6وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ثُمَّ قَصَّ ابْتِدَاءً أَمْرَ
فِرْعَوْنَ وَحَذَرَهُ وَاسْتِعْصَامَهُ بِقَتْلِ ذُكُورِ الْأَوْلَادِ ثُمَّ لَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا ، فَفِي حَالِهِ عِبْرَةٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِلِاعْتِبَارِ ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29687سُبْحَانَهُ الْمُتَفَرِّدُ بِمُلْكِهِ ، يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ، وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ ، لَا يَزَعُهُ وَازِعٌ ، وَلَا يَمْنَعُهُ عَمَّا يَشَاءُ مَانِعٌ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ وَقَدْ أَفْصَحَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ - الْآيَةُ بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مُجْمَلُ مَا أَوْضَحْنَا اتِّصَالَهُ مِنْ خَاتِمَةِ النَّمْلِ وَفَاتِحَةِ الْقَصَصِ ، وَنَحْنُ نَزِيدُهُ بَيَانًا بِذِكْرِ لُمَعٍ مِنْ تَفْسِيرِ مَا قُصِدَ الْتِحَامُهُ فَنَقُولُ : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى مُعْلِمًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآمِرًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَا خَفَاءَ بِمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنَ التَّهْدِيدِ ، وَشَدِيدِ الْوَعِيدِ ، ثُمَّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَيَفْتَحُهَا وَيَمْلِكُهَا ، لِأَنَّهُ بَلَدُ رَبِّهِ وَمُلْكُهُ ، وَهُوَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَقَدِ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ ، وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، فَالْعِبَادُ وَالْبِلَادُ مِلْكُهُ ، فَفِي هَذَا مِنَ الْإِشَارَةِ مِثْلُ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 237 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ أَيْ : لِيَسْمَعُوهُ فَيَتَذَكَّرُوا وَيَتَذَكَّرَ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ ، وَيَلْحَظَ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ، وَيَسْمَعَ مَا جَرَى لِمَنْ عَانَدَ وَعَنَى وَكَذَّبَ وَاسْتَكْبَرَ ، فَكَيْفَ وَقِصَّةُ [اللَّهِ] وَأَخْذُهُ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ حَذَرُهُ ، وَأَوْرَثَ مُسْتَضْعَفُ عِبَادِهِ أَرْضَهُ وَدِيَارَهُ ، وَمَكَّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأَعَزَّ رُسُلَهُ وَأَتْبَاعَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=3نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ : يُصَدِّقُونَ وَيَعْتَبِرُونَ وَيَسْتَدِلُّونَ وَيَسْتَوْضِحُونَ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ يُشِيرُ إِلَى مَا حَلَّ بِهِمْ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ فَتْحِ
مَكَّةَ ، وَإِذْعَانِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ انْقِيَادَهُ ، وَإِهْلَاكِ مَنْ طَالَ تَمَرُّدُهُ وَعِنَادُهُ ، وَانْقِيَادِ
الْعَرَبِ بِجُمْلَتِهَا بَعْدَ فَتْحِ
مَكَّةَ وَدُخُولِ النَّاسِ فِي الدِّينِ أَفْوَاجًا ، وَعِزَّةِ أَقْوَامٍ وَذِلَّةِ آخَرِينَ ، بِحَاكِمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِلَى أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ كَمَا وَعَدَ ، فَلَمَّا تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا أُشِيرَ إِلَيْهِ ، أَعْقَبَ بِمَا هُوَ فِي قُوَّةِ أَنْ لَوْ قِيلَ : لَيْسَ عُتُوُّكُمْ بِأَعْظَمَ مِنْ عُتُوِّ
فِرْعَوْنَ وَآلِهِ ، وَلَا حَالَ مُسْتَضْعَفِي الْمُؤْمِنِينَ
بِمَكَّةَ مِمَّنْ قَصَدْتُمْ فِتْنَتَهُ فِي دِينِهِ بِدُونِ حَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ كَانَ
فِرْعَوْنُ يَمْتَحِنُهُمْ بِذَبْحِ أَبْنَائِهِمْ ، فَهَلَّا تَأَمَّلْتُمْ عَاقِبَةَ الْفَرِيقَيْنِ ، وَسَلَكْتُمْ أَنْهَجَ الطَّرِيقَيْنِ؟ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [ ص: 238 ] - إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=82فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَلَوْ تَأَمَّلْتُمْ ذَلِكَ لَعَلِمْتُمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19877_19881الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ افْتِتَاحِ السُّورَةِ إِنَّ
فِرْعَوْن عَلَا فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ خَبَرِهِ مَا فِيهِ عِبْرَةٌ ، وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=31908آيَاتِهِ الْبَاهِرَةَ فِي أَمْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ وَأَخْذِ أَمِّ عَدُوِّهُ إِيَّاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا فَلَمْ يَزَلْ يُذَبِّحُ الْأَبْنَاءَ خِيفَةً مِنْ مَوْلُودٍ يَهْتِكُ مُلْكَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَوْلُودُ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ تَرْبِيَتَهُ وَحِفْظَهُ وَخِدْمَتَهُ لِيَعْلَمَ لِمَنِ التَّدْبِيرُ وَالْإِمْضَاءُ ، وَكَيْفَ نُفُوذُ سَابِقِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ ، فَهَلَّا سَأَلَتْ
قُرَيْشٌ وَسَمِعَتْ وَفَكَّرَتْ وَاعْتَبَرَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى ثُمَّ أَتْبَعَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=31913بِخُرُوجِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَرْضِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ، وَمَا نَالَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْخُرُوجِ مِنْ عَظِيمِ السَّعَادَةِ ، وَفِي ذَلِكَ مَنْبَهَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ
مَكَّةَ وَتَعْزِيَةٌ لَهُ وَإِعْلَامٌ بِأَنَّهُ تَعَالَى سَيُعِيدُهُ إِلَى بَلَدِهِ وَيَفْتَحُهُ عَلَيْهِ ، وَبِهَذَا الْمُسْتَشْعَرِ مِنْ هُنَا صَرَّحَ آخِرَ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=85إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ وَهَذَا كَافٍ فِيمَا قَصَدَ - انْتَهَى.