ولما أخبر عن حال من لقيه ، أخبر عن حال من فارقه ، فقال : وأصبح أي : عقب الليلة التي حصل فيها فراقه فؤاد أم موسى أي : قلبها الذي زاد احتراقه شوقا وخوفا وحزنا ، وهذا يدل على أنها ألقته ليلا فارغا أي : في غاية الذعر لما جبلت عليه من أخلاق البشر ، [ ص: 248 ] قد ذهب منه كل ما فيه من المعاني المقصودة التي من شأنها أن يربط عليها الجأش; ثم وصل بذلك مستأنفا قوله : إن أي : إنه كادت أي : قاربت لتبدي أي : يقع منها الإظهار لكل ما كان من أمره ، مصرحة به أي : بأمر موسى عليه السلام من أنه ولدها ونحو ذلك بسبب فراغ فؤادها من الأمور المستكنة ، وتوزع فكرها في كل واد لولا أن ربطنا بعظمتنا على قلبها بعد أن رددنا إليه المعاني الصالحة التي أودعناها فيه ، فلم تعلن به لأجل ربطنا عليه حتى صار كالجراب الذي ربط فمه حتى لا يخرج شيء مما فيه; ثم علل الربط بقوله : لتكون أي : كونا هو كالغريزة لها من المؤمنين أي : المصدقين بما وعد الله به من نجاته ورسالته ، الواثقين بذلك.