[ثم قال] مشيرا بالفاء إلى المبادرة إلى إصراخه : فلما [ ص: 260 ] وأثبت الحرف الذي أصله المصدر تأكيدا لمعنى الإرادة فقال : أن أراد أي : شاء ، وطلب وقصد مصدقا ذلك بالمشي أن يبطش أي : موسى عليه الصلاة والسلام بالذي هو عدو لهما أي : من القبط بأخذه بعنف وسطوة لخلاص الإسرائيلي منه قال أي : الإسرائيلي الغوي لأجل ما رأى من غضبه وكلمه به من الكلام الغص ظانا أنه ما دنا إلا يريد البطش به هو ، لما أوقعه فيه لا بعدوه : يا موسى ناصا عليه باسمه العلم دفعا لكل لبس منكر الفعلة الذي اعتقده لما رآه من دنوه إليهما غضبان وهو يذمه أتريد أن تقتلني أي : اليوم وأنا من شيعتك كما قتلت نفسا بالأمس أي : من شيعة أعدائنا ، والذي دل على أن الإسرائيلي هو الذي قال له هذا الكلام السياق بكون الكلام معه - بما أشير إليه بدخول المدينة على حين غفلة من أنهم لم يره أحد غير الإسرائيلي- وبقوله عدو لهما من ذم الإسرائيلي كما صرح به موسى عليه الصلاة والسلام.
ولما نم عليه وأفشى ما لا يعلمه غيره ، خاف غائلته فزاد في [ ص: 261 ] الإغراء به. مؤكدا بقوله : إن أي : ما تريد إلا أن تكون أي : كونا راسخا جبارا أي : قاهرا غالبا; قال أبو حيان : وشأن الجبار أن يقتل بغير حق.
في الأرض أي : التي تكون بها فلا يكون فوقك أحد وما تريد أي : يتجدد لك إرادة أن تكون أي : بما هو [لك] كالجبلة من المصلحين أي : العريقين في الصلاح ، فإن المصلح بين الناس لا يصل إلى القتل على هذه الصورة ، فلما سمع الفرعوني هذا ترك الإسرائيلي ، وكانوا - لما قتل ذلك القبطي - ظنوا في بني إسرائيل ، فأغروا فرعون بهم فقال : هل من بينة ، فإن الملك وإن كان صفوة مع قومه لا ينبغي له أن يقيد بغير بينة ولا ثبت - كما ذكر ذلك في حديث المفتون الذي رواه عن أبو يعلى رضي الله عنهما- فلما قال هذا الغوي هذه المقالة تحقق الأمر في ابن عباس موسى عليه الصلاة والسلام.