ولما كان سماعهما لقوله هذا مع إحسانه إليهما سببا لدعاء شعيب عليه الصلاة والسلام له ، قال بانيا على ما تقديره : فذهبت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه بخبرهما [و]بإحسانه إليهما ، فأمر بدعائه ليكافئه : فجاءته أي : بسبب قول الأب وعلى الفور إحداهما أي : المرأتين [ ص: 268 ] حال كونها تمشي ولما كان ، مالكة لزمامه ، عبر بأداة الاستعلاء فقال : الحياء كأنه مركب لها وهي متمكنة منه على استحياء أي : حياء موجود منها لأنها كلفت الإتيان إلى رجل أجنبي تكلمه وتماشيه; ثم استأنف الإخبار عما تشوف إليه السامع من أمرها فقال : قالت وأكدت إعلاما بما لأبيها من الرغبة إلى لقائه في قولها : إن أبي وصورت حاله بالمضارع فقالت : يدعوك ليجزيك أي : يعطيك مكافأة لك ، لأن المكافأة من شيم الكرام ، وقبولها لا غضاضة فيه أجر ما سقيت لنا أي : مواشينا ، فأسرع الإجابة لما بينهما من الملاءمة ، ولذلك قال : فلما بالفاء جاءه أي : موسى شعيبا عليهما الصلاة والسلام وقص أي : موسى عليه الصلاة والسلام عليه أي : شعيب عليه الصلاة والسلام القصص أي : حدثه حديثه مع فرعون وآله في كفرهم وطغيانهم وإذلالهم لعباد الله ، وتتبع له الأمور على ما هي عليه لما توسم فيه بما آتاه الله من الحكم والعلم من النصيحة والشفقة ، والعلم والحكمة ، والجلال والعظمة.
ولما كان من المعلوم أنه لا عيشة لخائف ، فكان أهم ما إلى الإنسان الأمان ، قدم له التأمين بأن قال أي : شعيب له عليهما الصلاة والسلام : لا تخف [أي : ] فإن فرعون لا سلطان له [ ص: 269 ] على ما ههنا ، ولأن عادة الله تعالى [جرت] أن تواضعك هذا ما كان في أحد إلا قضى الله برفعته ، ولذلك كانت النتيجة : نجوت أي : يا موسى من القوم الظالمين أي : هو وغيره وإن كانوا في غاية القوة والعراقة في الظلم.