ولما تسبب عن ذلك طلب الإعانة بشخص فيه كفاية وله عليه شفقة ، وكان أخوه هارون أحق الناس بهذا الوصف ، كان التقدير : فأرسل معي أخي هارون إلى آخره ، غير أنه قدم ذكره اهتماما بشأنه فقال : وأخي هارون والظاهر أن واوه للحال من ضمير موسى عليه الصلاة والسلام ، أو عاطفة على مقول القول ، والمعنى أنه يخاف أن يفوت مقصود الرسالة إما بقتله أو لعدم بيانه ، فاكتفى بالتلويح في الكفاية [ ص: 284 ] من الأول ، لأنه لا طاقة لأحد غير الله بها ، وصرح بما يكفي من الثاني ، فكأن التقدير : إني أخاف أن يقتلون فيفوت المقصود ، ولا يحميني من ذلك إلا أنت ، وإن لساني فيه عقدة ، وأخي إلى آخره; وزاد في تعظيمه بضمير الفصل فقال : هو أفصح مني لسانا أي : من جهة اللسان للعقدة التي كانت حصلت له من وضع الجمرة في فيه وهو طفل في كفالة فرعون فأرسله أي : بسبب ذلك معي ردءا أي : معينا ، من ردأت فلانا بكذا ، أي : جعلته له قوة وعاضدا ، وردأت الحائط - إذا دعمته بخشب أو كبش يدفعه أن يسقط- وقراءة بغير همز من الزيادة. نافع
ولما كان له عليه من العطف والشفقة ما يقصر الوصف عنه ، نبه على ذلك بإجابة السؤال بقوله : يصدقني أي : بأن يلخص بفصاحته ما قلته وبينته ، ويقيم الأدلة عليه حتى يصير كالشمس وضوحا ، فيكون - مع تصديقه لي بنفسه - سببا في تصديق غيره لي; ورفعه عاصم صفة لردء ثم علل سؤاله هذا ، وبين أنه هو المراد ، لا أن يقول له : صدقت ، فإن قوله لهذه اللفظة لا تعلق له بالفصاحة حتى يكون سببا للسؤال فيه ، بقوله مؤكدا لأجل أن من كان رسولا عن الله لا يظن به أن يخاف : وحمزة إني أخاف أن يكذبون