ولما كان به سمع دعاءه كما قال الله سبحانه وتعالى عند ظن عبده فنادته أي فتسبب عن دعائه وحسن رجائه أن نادته الملائكة [ ص: 365 ] يعني هذا النوع، لا كلهم بل ناداه البعض، وكان متهيئا بما آتاه الله سبحانه وتعالى من الفضل لمناداة الكل، كما هو شأن أهل الكمال من الرسل وهو قائم يصلي في المحراب وهو موضع محاربة العابد للشيطان، وهو أشرف الأماكن لذلك. قال فيه إشعار بسرعة إجابته ولزومه معتكفه وقنوته في قيامه وأن الغالب على صلاته القيام لأن الصلاة قيام، وسجود يقابله، وركوع متوسط، فذكرت صلاته بالقيام إشعارا بأن حكم القيام غالب عليها. انتهى. ثم استأنف في قراءة الحرالي: حمزة بالكسر لجواب من كأنه قال: بأي شيء نادته الملائكة؟ قوله: وابن عامر أن الله يبشرك قال فذكر الاسم الأعظم المحيط معناه بجميع معاني الأسماء، ولم يقل إن ربك لما كان أمر إجابته من وراء الحكمة العادية; وفي قوله: الحرالي: بيحيى مسمى بصيغة الدوام - مع أنه كما قيل: قتل - إشعار بوفاء حقيقة الروحانية الحياتية فيه دائما، لا يطرقه طارق موت الظاهر حيث قتل شهيدا. انتهى. مصدقا بكلمة أي نبي خلق بالكلمة [ ص: 366 ] لا بالمعالجة العادية، يرسله الله سبحانه وتعالى إلى عباده فيكذبه أكثرهم ويصدقه هو، وإطلاق الكلمة عليه من إطلاق السبب على المسبب.
قال فكان الحرالي: عيسى عليه الصلاة والسلام كلمة الله سبحانه وتعالى، ويحيى مصدقه بما هو منه كمال كلمته حتى أنهما في سماء واحدة، ففي قوله: من الله إشعار بإحاطته في ذات الكلمة. انتهى. وسيدا وحصورا أي فلا يتزين بزينة لأنه بالغ الحبس لنفسه والتضييق عليها في المنع من النكاح. قال في القاموس: والحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك، أو الممنوع منهن، أو من لا يشتهيهن ولا يقربهن، والمجبوب - والهيوب المحجم عن الشيء. وقال وهو من الحصر وهو المنع عما شأن الشيء أن يكون مستعملا فيه - انتهى الحرالي: ونبيا [ ص: 367 ] ولما كان النبي لا يكون إلا صالحا لم يعطف بل قال: من الصالحين إعلاما بمزية رتبة الصلاح واحترازا من المتنبيين،