قل أرأيتم إن جعل الله أي : الذي له الأمر كله بجلاله وباهر كماله عليكم النهار الذي توازن حرارته رطوبة الليل فيتم بهما صلاح النبات ، وغير ذلك من جميع المقدرات سرمدا أي : دائما ، من السرد ، وهو المتابعة بزيادة الميم مبالغة فيه إلى يوم القيامة أي : الذي لا يسمع عاقلا إنكاره من إله غير الله . الجليل الذي ليس له مثيل ، وهو على كل شيء وكيل
[ ص: 344 ] ولما كان الظلام غير مقصود في نفسه ، وكان بعد الضياء في غاية التعريف بموحده ، عدل عن اسمه فقال معبرا لمثل ما مضى : يأتيكم بليل أي : ينشأ من ظلام; ثم بين بما يدل على ما حذفه من الأول فقال : تسكنون فيه فالآية من الاحتباك : ذكر الضياء أولا دليلا على حذف الظلام ثانيا ، والليل والسكون ثانيا دليلا على حذف النهار والانتشار أولا.
ولما كان الضياء مما ينفذ فيه البصر قال : أفلا تبصرون أي : بالبصر والبصيرة كيف تنقشع جلابيب الظلام ، عن وجوه الضياء الغر الكرام ، ثم تتقنع بسواد أردية الحياء ، ووجوه الأنوار والضياء [قال : قال ابن هبيرة المبرد : سلطان السمع في الليل وسلطان البصر في النهار].