ولما لم يبق للقدرة على إعادتهم مانع يدعي إلا ممانعتهم منها ، أبطلها على تقدير ادعائهم لها فقال : وما أنتم أي : أجمعون العرب وغيرهم بمعجزين أي : بواقع إعجازهم في بعثكم وتعذيبكم في الأرض كيفما تقلبتم في ظاهرها وباطنها.
ولما كان الكلام هنا له أتم نظر إلى ما بعد البعث ، وكانت الأحوال هناك خارجة عما يستقل به العقل ، وكان أثر القدرة أتم وأكمل ، وأهم وأشمل ، وكان بعض الأرواح يكون في السماء بعد الموت قال : ولا في السماء [أي : ] لو فرض أنكم وصلتم إليها بعد الموت بالحشر أو قبله ، لأن الكل بعض ملكه ، فكيف يعجزه من في ملكه ، ويمكن أن يكون له نظر إلى قصة نمرود في بنائه الصرح الذي أراد به التوصل إلى السماء لاسيما والآيات مكتنفة بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام من قبلها ومن بعدها.
[ ص: 419 ] ولما أخبرهم أنهم مقدور عليهم ، وكان ربما بقي احتمال أن غيرهم ينصرهم ، صرح بنفيه فقال : وما لكم أي : أجمعين أنتم وغيركم أيها المحشورون ، وأشار إلى سفول رتبة كل من سواه بقوله : من دون الله أي : الذي هو أعظم من كل عظيم; [وأكد النفي بإثبات الجار فقال : ] من ولي أي : قريب يحميكم لأجل القرابة ولا نصير لشيء غير ذلك لأنه لا كفؤ له.