ولما كان قد يشكل على ذلك عند كل من لم يتأمل [حق التأمل] فيقال : بكل الخلق والرزق له ، فما بالهم متفاوتين في الرزق؟ قال : التفاوت في الرزق الله أي : بما له من [العظمة] والإحاطة بصفات الكمال يبسط الرزق بقدرته التامة لمن يشاء من عباده على حسب ما يعلم من بواطنهم ويقدر أي : يضيق.
ولما كان [ذلك] إنما هو لمصالح العباد وإن لم يظهر لهم وجه حكمته قال : له أي : لتظهر من ذلك قدرته وحكمته ، وأنت ترى الملوك وغيرهم من الأقوياء يفاوتون في الرزق بين عمالهم بحسب ما يعلمون من علمهم الناقص بأحوالهم ، فما ظنك بملك الملوك العالم علما لا تدنو من ساحته ظنون ولا شكوك ، وهذه الآية نتيجة ما قبلها.
ولما كان سبحانه يرزق الناس ، ويمكن لهم بحسب ما يعلم من [ ص: 472 ] ضمائرهم أنه لا صلاح إلا فيه ، قال معللا لذلك ومؤكدا ردا على من يعتقد أن ذلك إنما هو من تقصير بعض العباد وتشمير بعضهم ، معلما بأنه محيط العلم فهو محيط القدرة [فهو] الذي سبب عجز بعضهم وطاقة الآخرين لملازمة القدرة العلم : إن الله أي : الذي له صفات الكمال بكل شيء [أي : ] من المرزوقين ومن الأرزاق وكيف تمنع أو تساق وغير ذلك عليم فهو على ذلك كله قدير ، يعلم ما يصلح العباد من ذلك وما يفسدهم ، ويعطيهم بحسب ذلك إن شاء وكم رام بعض الأقوياء إغناء فقير وإفقار غني ، فكشف الحال عن فساد ما راموا من الانتقال.