[ ص: 130 ] ولما ثبتت قدرته على البعث وغيره، عطف على قوله أول السورة ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون أو على ما تقديره: فيوم يريد موتكم تموتون، لا تستأخرون عن لحظة الأجل ولا تستقدمون، قوله: ويوم تقوم الساعة أي القيامة التي هي إعادة الخلائق الذين كانوا بالتدريج في ألوف من السنين لا يعلم مقدارها إلا الله تعالى في أقل من لمح البصر، ولذا سميت بالساعة إعلاما بيسرها عليه سبحانه يقسم المجرمون أي العريقون في الإجرام جريا منهم على ديدن الجهل في الجزم بما لم يحيطوا به علما: ما أي إنهم ما لبثوا في الدنيا والبرزخ غير ساعة أي قدر يسير من ليل أو نهار.
ولما كان هذا أمرا معجبا لأنه كلام كذب بحيث يؤرث أشد الفضيحة والخزي في ذلك الجمع الأعظم مع أنه غير مغن شيئا، استأنف قوله تنبيها على أنه الفاعل له: فلا عجب كذلك أي مثل ذلك الصرف عن حقائق الأمور إلى شكوكها كانوا في الدنيا كونا هو كالجبلة يؤفكون أي يصرفون عن الصواب الذي منشأه تحري الصدق والإذعان للحق إلى الباطل الذي منشأه تحري المغالبة بصرفنا لهم، [ ص: 131 ] فإنه لا فرق في قدرتنا وعلمنا بين حياة وحياة، ودار ودار، ولعله بنى الفعل للمجهول إشارة إلى سهولة انقيادهم إلى الباطل مع أي صارف كان.