ولم يقل: وأما الذين اتبعوك - لئلا يلتبس الحال وإن كان من اتبع النبي الأمي فقد اتبعه في بشارته به والأمر باتباعه بل قال: وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات لأن هذه ترجمة الذين اتبعوه حق الاتباع.
ولما كان تمام الاعتناء بالأولياء متضمنا لغاية القهر للأعداء أبدى [ ص: 423 ] في مظهر العظمة قوله تعظيما لهم وتحقيرا لأعدائهم: فيوفيهم أجورهم أي نحبهم من غير أن نبخسهم منها شيئا أو نظلم أحدا من الفريقين في شيء فإن الله سبحانه وتعالى متعال عن ذلك والله الذي له الكمال كله لا يحب الظالمين من كانوا، أي لا يفعل معهم فعل المحب، فهو يحبط أعمالهم لبنائها على غير أساس الإيمان، فالآية من الاحتباك، ونظمها على الأصل: فنوفيهم لأنا نحبهم والله يحب المؤمنين، والذين ظلموا نحبط أعمالهم لأنا لا نحبهم والله لا يحب الظالمين; فتوفية الأجر أولا ينفيها ثانيا، وإثبات الكراهة ثانيا يثبت ضدها أولا، وحقيقة الحال أنه أثبت للمؤمنين لازم المحبة المراد منها في حق الله سبحانه وتعالى لأنه أسر، [ ص: 424 ] ولازم المراد من عدمها في الظالمين لأنه أنكأ.