أولم أي أيقولون في إنكار البعث: إذا ضللنا في الأرض، ولم يروا أنا بما لنا من العظمة نسوق الماء من السماء أو الأرض إلى الأرض الجرز أي التي جرز نباتها أي قطع باليبس والتهشم، أي بأيدي الناس فصارت ملساء لا نبت فيها، وفي عن البخاري رضي الله عنهما: إنها التي لا تمطر إلا مطرا لا يغني عنها شيئا، قالوا: ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ: جزر، ويدل عليه قوله: ابن عباس فنخرج به من أعماق الأرض زرعا أي نبتا لا ساق له باختلاط الماء بالتراب الذي كان زرعا قبل هذا، وأشار إلى أنه حقيقة، لا مرية فيه، وليس هو بتخييل كما تفعل السحرة، بقوله مذكرا بنعمة الإبقاء بعد الإيجاد: تأكل منه أي من حبه وورقه وتبنه وحشيشه أنعامهم وقدمها لموقع الامتنان بها لأن بها قوامهم في معايشهم وأبدانهم، ولأن السياق لمطلق إخراج الزرع، وأول صلاحه إنما هو لأكل الأنعام بخلاف ما في سورة عبس، فإن السياق لطعام الإنسان الذي هو نهاية الزرع حيث قال:
فلينظر الإنسان إلى طعامه ثم قال فأنبتنا فيها حبا وذكر من طعامه من العنب وغيره ما [لا] يصلح [ ص: 270 ] للأنعام وأنفسهم أي من حبه، وأصله إذا كان بقلا.
ولما كانت هذه الآية [مبصرة، وكانت] في وضوحها في الدلالة على البعث لا يحتاج الجاهل به في الإقرار سوى رؤيتها قال: أفلا يبصرون إشارة إلى أن من رآها وتنبه على ما فيها من الدلالة وأصر على الإنكار لا بصر له ولا بصيرة.