ولما كان الإيمان أمرا باطنا، فلا يقبل عند الله إلا بدليل، وكان الإيمان بالرسول إيمانا بمن أرسله، والإيمان بالمرسل إيمانا بالرسول، وحد الضمير فقال: "ويعزروه" أي: يعينوه ويقووه وينصروه على كل من ناواه ويمنعوه عن كل من يكيده، مبالغين في ذلك باليد واللسان والسيف، وغير ذلك من الشأن فيؤثروه على أنفسهم وغيرها، تعظيما له وتفخيما، هذا حقيقة المادة، وما خالفه [فهو] إما من باب الإزالة كالعزور بمعنى الديوث، وإما من باب الأول كاللوم والضرب دون الحد؛ فإنه يوجب للملوم والمضروب تجنب ما نقم عليه فيعظم، فهو من إطلاق الملزوم على اللازم، وهو من وادي ما قيل:
عداي لهم فضل علي ومنة فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاقتنيت المعاليا
ولما كانت محبة الله ورسوله ترضى منها بدون النهاية قال كائنا عن ذلك: بكرة وأصيلا أي: وعشيا إيصانا لما بين النهار والليل [بذلك].