ولما أفهم تقديم الجار الاختصاص فأفهم أنهم إذا فعلوا من أنفسهم لا يكون كذلك، صرح به فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=30578_34332_29054nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3وإذا كالوهم أي كالوا الناس أي حقهم أي ما لهم [ من الحق - ]
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3أو وزنوهم أي وزنوا ما عليهم له من الحق، يقال: اكتال من الرجل وعليه وكال له الطعام [ وكاله الطعام- ] ، ووزنت الرجل الشيء ووزنت له الشيء، ولعله سبحانه اختار "على" في الأول والمعدى إلى اثنين في الثاني لأنه أدل على
[ ص: 314 ] حضور صاحب الحق، فهو في غيبته أولى، فهو أدل على المرون على الوقاحة، فهما كلمتان لا أربع لأنه ليس بعد الواو ألف جمع، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي: وكان
عيسى بن عمر يجعلهما حرفين يقف على كالوا ووزنوا ويبتدئ هم، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: والاختيار الأولى، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي: يعني أن كل واحدة كلمة لأنهم كتبوهما بغير ألف باتفاق المصاحف، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: ولا يصح أن يكون ضميرا للمطففين لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد، وذلك أن المعنى: إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا أعطوهم أخسروا، وإن جعلت الضمير للمطففين انقلب إلى قولك: [إذا - ] أخذوا من الناس استوفوا، وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا، وهو كلام متنافر لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر، والتعلق في إبطاله بخط المصحف وأن الألف التي تكتب بعد واو الجمع غير ثابتة فيه ركيك لأن خط المصحف لم يراع في كثير منه حد المصطلح عليه في علم الخط - انتهى. ولا شك أن في خط المصحف تقوية لهذا الوجه المعنوي وتأكيدا
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3يخسرون أي يوجدون الخسارة بالنقص فيما يكيلون لغيرهم، والحاصل أنهم يأخذون وافيا أو زائدا ويعطون ناقصا.
[ ص: 315 ] وقال الإمام [
أبو جعفر - ] ابن الزبير: لما قال سبحانه وتعالى في سورة الانفطار
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=10وإن عليكم لحافظين nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=11كراما كاتبين الآية وكان مقتضى ذلك الإشعار بوقوع الجزاء على جزئيات الأعمال وأنه لا يفوت عمل كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين
أتبع الآية المتقدمة بجزاء عمل يتوهم فيه قرب المرتكب وهو من أكبر الجرائم، وذلك
nindex.php?page=treesubj&link=18524التطفيف في المكيال والميزان والانحراف عن إقامة القسط في ذلك، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=1ويل للمطففين ثم أردف تهديدهم وتشديد وعيدهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=4ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=5ليوم عظيم ثم التحمت الآي مناسبة لما افتتحت به السورة إلى ختامها - انتهى.
وَلَمَّا أَفْهَمَ تَقْدِيمَ الْجَارِّ الِاخْتِصَاصُ فَأَفْهَمَ أَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=30578_34332_29054nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3وَإِذَا كَالُوهُمْ أَيْ كَالُوا النَّاسَ أَيْ حَقَّهُمْ أَيْ مَا لَهُمْ [ مِنَ الْحَقِّ - ]
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3أَوْ وَزَنُوهُمْ أَيْ وَزَنُوا مَا عَلَيْهِمْ لَهُ مِنَ الْحَقِّ، يُقَالُ: اكْتَالَ مِنَ الرَّجُلِ وَعَلَيْهِ وَكَالَ لَهُ الطَّعَامَ [ وَكَالَهُ الطَّعَامُ- ] ، وَوَزَنْتُ الرَّجُلَ الشَّيْءَ وَوَزَنْتُ لَهُ الشَّيْءَ، وَلَعَلَّهُ سُبْحَانَهُ اخْتَارَ "عَلَى" فِي الْأَوَّلِ وَالْمُعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى
[ ص: 314 ] حُضُورِ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَهُوَ فِي غَيْبَتِهِ أَوْلَى، فَهُوَ أَدَلُّ عَلَى الْمَرُونِ عَلَى الْوَقَاحَةِ، فَهُمَا كَلِمَتَانِ لَا أَرْبَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْوَاوِ أَلِفُ جَمْعٍ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ: وَكَانَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ يَجْعَلُهُمَا حَرْفَيْنِ يَقِفُ عَلَى كَالُوا وَوَزَنُوا وَيَبْتَدِئُ هُمْ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ: وَالِاخْتِيَارُ الْأَوْلَى، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ: يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَلِمَةٌ لِأَنَّهُمْ كَتَبُوهُمَا بِغَيْرِ أَلْفٍ بِاتِّفَاقِ الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا لِلْمُطَفِّفِينَ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ بِهِ إِلَى نَظْمٍ فَاسِدٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى: إِذَا أَخَذُوا مِنَ النَّاسِ اسْتَوْفُوا وَإِذَا أَعْطُوهُمْ أُخْسِرُوا، وَإِنْ جَعَلْتَ الضَّمِيرَ لِلْمُطَفِّفِينَ انْقَلَبَ إِلَى قَوْلِكَ: [إِذَا - ] أَخَذُوا مِنَ النَّاسِ اسْتَوْفُوا، وَإِذَا تَوَلَّوُا الْكَيْلَ أَوِ الْوَزْنَ هُمْ عَلَى الْخُصُوصِ أُخْسِرُوا، وَهُوَ كَلَامٌ مُتَنَافِرٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَاقِعٌ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمُبَاشِرِ، وَالتَّعَلُّقُ فِي إِبْطَالِهِ بِخَطِّ الْمُصْحَفِ وَأَنَّ الْأَلِفَ الَّتِي تُكْتَبُ بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِيهِ رَكِيكٌ لِأَنَّ خَطَّ الْمُصْحَفِ لَمْ يُرَاعَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ حَدُّ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ الْخَطِّ - انْتَهَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي خَطِّ الْمُصْحَفِ تَقْوِيَةً لِهَذَا الْوَجْهِ الْمَعْنَوِيِّ وَتَأْكِيدًا
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3يُخْسِرُونَ أَيْ يُوجِدُونَ الْخَسَارَةَ بِالنَّقْصِ فِيمَا يَكِيلُونَ لِغَيْرِهِمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ وَافِيًا أَوْ زَائِدًا وَيُعْطُونَ نَاقِصًا.
[ ص: 315 ] وَقَالَ الْإِمَامُ [
أَبُو جَعْفَرِ - ] ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سُورَةِ الِانْفِطَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=10وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=11كِرَامًا كَاتِبِينَ الْآيَةُ وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ الْإِشْعَارُ بِوُقُوعِ الْجَزَاءِ عَلَى جُزْئِيَّاتِ الْأَعْمَالِ وَأَنَّهُ لَا يَفُوتُ عَمَلٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
أَتْبَعَ الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ بِجَزَاءِ عَمَلٍ يَتَوَهَّمُ فِيهِ قُرْبَ الْمُرْتَكِبِ وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْجَرَائِمِ، وَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=18524التَّطْفِيفُ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَالِانْحِرَافِ عَنْ إِقَامَةِ الْقِسْطِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=1وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ثُمَّ أَرْدَفَ تَهْدِيدَهُمْ وَتَشْدِيدَ وَعِيدِهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=4أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=5لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ثُمَّ الْتَحَمَتِ الْآيُ مُنَاسِبَةً لِمَا افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ إِلَى خِتَامِهَا - انْتَهَى.