ولما كان الشيء لا يعني إلا إذا كان مجهولا ولو من بعض الجهات، أنكر عليه هذا الظن على تقدير وقوعه فإنه لا يوصل إلى ما ظنه إلا به، بقوله مشيرا إلى شهوته النفسية الرابعة، وهي أن تكون أموره مستورة فلا يظهر على غيه أحد أصلا: أيحسب أي هذا الإنسان العنيد بقلة عقله أن لم يره أي بالبصر ولا بالبصيرة في الزمن الماضي أحد [ ص: 55 ] أي في عمله هذا سره وجهره وجميع أمره، فينقص جميع ما عمل إذا أراد، و[كل] ما فاته من آثار هذه الشهوات الأربع، وهو لا يزال فائتا له، كان من إرادة تحصيله في نكد ومعاناة وكبد بحيث يرمي نفسه لتحصيله في المهالك، ولا يحصل منه على ما يرضيه أبدا، وهذا كناية عن أنه يعمل من المساوئ أعمال من يظن أنه لا يطلع عليه، فلذلك نبهه الله تعالى بأنواع التنبيه ليأخذ حذره ويحرز عمره.