ولما أخبر سبحانه وتعالى عنه بكمال التباب الذي هو نهاية الخسار، وكان أشق ما على الإنسان هتك ما يصونه من حريمه حتى أنه يبذل نفسه دون ذلك لا سيما العرب، فإنه لا يدانيهم في ذلك أحد، زاده تحقيرا بذكر من يصونها معبرا عنها بما صدرها بأزرأ صورة وأشنعها، فقال مشيرا إلى أن خلطة الأشرار غاية الخسار، فإن الطبع وإن كان جيدا يسرق من الرديء، فكيف إذا كان رديئا وإن أرضى الناس بما يسخط الله أعظم الهلاك
nindex.php?page=treesubj&link=28861_31788_32024_29082nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وامرأته أي
أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي مثل زوجها في التباب والصلي من غير أن يغني عنها شيء من مال ولا حسب ولا نسب، وعدل عن ذكرها بكنيتها لأن صفتها القباحة وهي ضد كنيتها، ومن هنا تؤخذ كراهة التلقيب بناصر الدين ونحوها لمن ليس متصفا بما دل عليه لقبه، ثم وصفها بما أشار إليه ذنبها وأكمل قبيح صورتها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حمالة الحطب أي الحاملة أقصى ما يمكن حمله من حطب
[ ص: 342 ] جهنم بما كانت تمشي به وتبالغ فيه من حمل حطب البهت والنميمة الذي تحمل به على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم وشدة أذاه وإيقاد نار الحرب والخصومة عليه صلى الله عليه وسلم، من قول الشاعر:
من البيض لم تصطد على ظهر لأمه ... ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب
أراد النميمة، وعبر بالرطب للدلالة على زيادة الشر بما فيه من التدخين وشبهت النميمة بالحطب لأنها توقد الشر فتفرق بين الناس كما أن الحطب يكون وقودا للنار فتفرقه، وكذا بما كانت تحمل من الشوك وتنثره ليلا في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، وكانت تفعله بنفسها من شدة عداوتها وتباشره ليلا لتستخفي به لأنها كانت شريفة، فلما نزلت سورة صورتها بأقبح صورة فكان [ذلك -] أعظم فاضح لها، وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بالنصب للقطع على الشتم تؤدي أن امرأته مبتدأ وأن الخبر
وَلَمَّا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ بِكَمَالِ التِّبَابِ الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ الْخَسَارِ، وَكَانَ أَشَقَّ مَا عَلَى الْإِنْسَانِ هَتْكُ مَا يَصُونُهُ مِنْ حَرِيمِهِ حَتَّى أَنَّهُ يَبْذُلُ نَفْسَهُ دُونَ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا الْعَرَبُ، فَإِنَّهُ لَا يُدَانِيهِمْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ، زَادَهُ تَحْقِيرًا بِذِكْرِ مَنْ يَصُونُهَا مُعَبِّرًا عَنْهَا بِمَا صَدَّرَهَا بَأَزْرَأِ صُورَةٍ وَأَشْنَعِهَا، فَقَالَ مُشِيرًا إِلَى أَنَّ خَلْطَةَ الْأَشْرَارِ غَايَةَ الْخَسَارِ، فَإِنَّ الطَّبْعَ وَإِنْ كَانَ جَيِّدًا يُسْرَقُ مِنَ الرَّدِيءِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ رَدِيئًا وَإِنَّ أَرْضَى النَّاسِ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ أَعْظَمَ الْهَلَاكِ
nindex.php?page=treesubj&link=28861_31788_32024_29082nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وَامْرَأَتُهُ أَيْ
أَمُّ جَمِيلٍ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بْنِ قُصِيٍّ مِثْلَ زَوْجِهَا فِي التَّبَابِ وَالصِّلِيِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُغْنِيَ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَالٍ وَلَا حَسَبٍ وَلَا نَسَبٍ، وَعَدَلَ عَنْ ذِكْرِهَا بِكُنْيَتِهَا لِأَنَّ صِفَتَهَا الْقَبَاحَةُ وَهِيَ ضِدُّ كُنْيَتِهَا، وَمِنْ هُنَا تُؤْخَذُ كَرَاهَةَ التَّلْقِيبِ بِنَاصِرِ الدِّينِ وَنَحْوِهَا لِمَنْ لَيْسَ مُتَّصِفًا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَقَبُهُ، ثُمَّ وَصَفَهَا بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ذَنْبُهَا وَأَكْمَلَ قَبِيحَ صُورَتِهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حَمَّالَةَ الْحَطَبِ أَيِ الْحَامِلَةَ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ مِنْ حَطَبِ
[ ص: 342 ] جَهَنَّمَ بِمَا كَانَتْ تَمْشِي بِهِ وَتُبَالِغُ فِيهِ مِنْ حَمْلِ حَطَبِ الْبَهْتِ وَالنَّمِيمَةِ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ عَلَى مُعَادَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشِدَّةِ أَذَاهُ وَإِيقَادِ نَارِ الْحَرْبِ وَالْخُصُومَةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
مِنَ الْبَيْضِ لَمْ تَصْطَدْ عَلَى ظَهْرٍ لِأُمِّهِ ... وَلَمْ تَمْشِ بَيْنَ الْحَيِّ بِالْحَطَبِ الرَّطْبِ
أَرَادَ النَّمِيمَةَ، وَعَبَّرَ بِالرَّطْبِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى زِيَادَةِ الشَّرِّ بِمَا فِيهِ مِنَ التَّدْخِينِ وَشُبِّهَتِ النَّمِيمَةُ بِالْحَطَبِ لِأَنَّهَا تُوقِدُ الشَّرَّ فَتُفَرِّقُ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا أَنَّ الْحَطَبَ يَكُونُ وَقُودًا لِلنَّارِ فَتُفَرِّقُهُ، وَكَذَا بِمَا كَانَتْ تَحْمِلُ مِنَ الشَّوْكِ وَتَنْثُرُهُ لَيْلًا فِي طَرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتُؤْذِيَهُ، وَكَانَتْ تَفْعَلُهُ بِنَفْسِهَا مِنْ شِدَّةِ عَدَاوَتِهَا وَتُبَاشِرُهُ لَيْلًا لِتَسْتَخْفِيَ بِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ شَرِيفَةً، فَلَمَّا نَزَلَتْ سُورَةٌ صَوَّرْتَهَا بِأَقْبَحِ صُورَةٍ فَكَانَ [ذَلِكَ -] أَعْظَمَ فَاضِحٍ لَهَا، وَقِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ بِالنَّصْبِ لِلْقَطْعِ عَلَى الشَّتْمِ تُؤَدِّي أَنَّ امْرَأَتَهُ مُبْتَدَأٌ وَأَنَّ الْخَبَرَ