ولما انقضى ما أراد من الإنكار على من ادعى الإيمان في اتخاذ الكافرين أولياء؛ المستلزم للنهي عن ذلك الاتخاذ؛ صرح به مخاطبا للمؤمنين؛ فقال: يا أيها الذين آمنوا   ؛ أي: أقروا بالإيمان بألسنتهم؛ صدقا أو كذبا؛ لا تتخذوا  ؛ أي: تكلفوا أنفسكم غير ما تدعو إليه الفطرة الأولى السليمة؛ فتأخذوا الكافرين  ؛ أي: المجاهرين بالكفر؛ الغريقين فيه؛ أولياء  ؛ أي: أقرباء؛ تفعلون معهم من الود والنصرة ما يفعل القريب مع قريبه. 
ولما كان الغريق في الإيمان أعلى الناس؛ وكان تحت رتبته رتب متكاثرة؛ نبه على ذلك؛ وعلى دناءة مقصدهم؛ بالجار؛ فقال: من دون المؤمنين  ؛ أي: الغريقين في الإيمان؛ وهذا إشارة إلى أنه لا يصح لمن يواليهم دعوى الإيمان؛ ولذلك قال منكرا: أتريدون  ؛ أي: بموالاتهم؛ أن تجعلوا لله  ؛ أي: الذي لا تطاق سطوته؛ لأن له الكمال كله؛ عليكم  ؛ أي: في النسبة إلى النفاق؛ سلطانا  ؛ أي: دليلا واضحا على كفركم؛ باتباعكم غير سبيل المؤمنين؛ مبينا  ؛ واضحا؛ مسوغا لعقابكم؛ وخزيكم؛  [ ص: 444 ] وجعلكم في زمرة المنافقين. 
				
						
						
