آ . (110) قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حتى : ليس في الكلام شيء تكون " حتى " غاية له ، فمن ثم اختلف الناس في تقدير شيء يصح تغييته بـ " حتى " : فقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا فتراخى نصرهم حتى " . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : " وما أرسلنا من قبلك يا
محمد إلا رجالا لم نعاقب أممهم بالعقاب حتى إذا " . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا فدعوا قومهم فكذبوهم وطال دعاؤهم وتكذيب قومهم حتى إذا " . وأحسنها ما قدمته .
[ ص: 563 ] وتصيد
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية شيئا من معنى قوله : " أفلم يسيروا " فقال : " ويتضمن قوله " أفلم يسيروا " إلى " من قبلهم " أن الرسل الذين بعثهم الله من أهل القرى دعوهم فلم يؤمنوا بهم حتى نزلت بهم المثلات فصبروا في حيز من يعتبر بعاقبته ، فلهذا المضمن حسن أن تدخل " حتى " في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110 " حتى إذا " . قال الشيخ : " ولم يتلخص لنا من كلامه شيء يكون ما بعد " حتى " غاية له ، لأنه علق الغاية بما ادعى أنه فهم ذلك من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109 " أفلم يسيروا " . الآية " . قلت : دعوهم فلم يؤمنوا هو المغيى .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110كذبوا قرأ الكوفيون " كذبوا " بالتخفيف والباقون بالتثقيل . فأما قراءة التخفيف فاضطربت أقوال الناس فيها ، وروي إنكارها عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : " معاذ الله لم يكن الرسل لتظن ذلك بربها " وهذا ينبغي أن لا يصح عنها لتواتر هذه القراءة .
وقد وجهها الناس بأربعة أوجه ، أجودها : أن الضمير في " وظنوا " عائد على المرسل إليهم لتقدمهم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ، ولأن الرسل تستدعي مرسلا إليه . والضمير في " أنهم " و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110 " كذبوا " عائد على الرسل ، أي : وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا ، أي : كذبهم من أرسلوا إليه بالوحي وبنصرهم عليهم .
الثاني : أن الضمائر الثلاثة عائدة على الرسل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في
[ ص: 564 ] تقرير هذا الوجه " حتى إذا استيئسوا من النصر وظنوا أنهم قد كذبوا ، أي : كذبهم أنفسهم حين حدثتهم أنهم ينصرون أو رجاؤهم لقولهم رجاء صادق ورجاء كاذب ، والمعنى : أن مدة التكذيب والعداوة من الكفار ، وانتظار النصر من الله وتأميله قد تطاولت عليهم وتمادت ، حتى استشعروا القنوط ، وتوهموا ألا نصر لهم في الدنيا فجاءهم نصرنا " انتهى فقد جعل الفاعل المقدر : إما أنفسهم ، وإما رجاؤهم ، وجعل الظن بمعنى التوهم فأخرجه عن معناه الأصلي وهو ترجح أحد الطرفين ، وعن مجازه وهو استعماله في المتيقن .
الثالث : أن الضمائر كلها أيضا عائدة على الرسل ، والظن على بابه من الترجيح ، وإلى هذا نحا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ، قالوا : والرسل بشر فضعفوا وساء ظنهم ، وهذا ينبغي ألا يصح عن هؤلاء فإنها عبارة غليظة على الأنبياء عليهم السلام ، وحاشى الأنبياء من ذلك ، ولذلك ردت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وجماعة كثيرة هذا التأويل ، وأعظموا أن تنسب الأنبياء إلى شيء من ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " إن صح هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقد أراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس في القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية ، وأما الظن الذي هو ترجيح أحد الجائزين على الآخر فغير جائز على رجل من المسلمين ، فما بال رسل الله الذين هم أعرف بربهم ؟ " قلت : ولا يجوز أيضا أن يقال : خطر ببالهم شبه الوسوسة ؛ فإن الوسوسة من الشيطان وهم معصومون منه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي أيضا : " إن ذهب ذاهب إلى أن المعنى : ظن الرسل
[ ص: 565 ] الذين وعد الله أممهم على لسانهم قد كذبوا فيه فقد أتى عظيما [لا يجوز أن ينسب مثله] إلى الأنبياء ولا إلى صالحي عباد الله ، وكذلك من زعم أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ذهب إلى أن الرسل قد ضعفوا فظنوا أنهم قد أخلفوا ؛ لأن الله تعالى لا يخلف الميعاد ولا مبدل لكلماته " . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا أنه قال : " معناه وظنوا حين ضعفوا وغلبوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله به من النصر وقال : كانوا بشرا وتلا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214وزلزلوا حتى يقول الرسول .
الرابع : أن الضمائر كلها ترجع إلى المرسل إليهم ، أي : وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما ادعوه من النبوة وفيما يوعدون به من لم يؤمن بهم من العقاب قبل ، وهذا هو المشهور من تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد قالوا : ولا يجوز عود الضمائر على الرسل لأنهم معصومون . ويحكى أن
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير حين سئل عنها قال : نعم إذا استيئس الرسل من قومهم أن يصدقوهم ، وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم وكان حاضرا : " لو رحلت في هذه إلى
اليمن كان قليلا " .
وأما قراءة التشديد فواضحة وهو أن تعود الضمائر كلها على الرسل ، أي : وظن الرسل أنهم قد كذبهم أممهم فيما جاءوا به لطول البلاء عليهم ، وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " أنها قالت : هم أتباع الأنبياء الذي آمنوا بهم وصدقوا طال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيئس الرسل ممن كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك " . قلت : وبهذا يتحد معنى القراءتين ، والظن هنا يجوز أن يكون على
[ ص: 566 ] بابه ، وأن يكون بمعنى اليقين وأن يكون بمعنى التوهم حسبما تقدم .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد " كذبوا " بالتخفيف مبنيا للفاعل ، والضمير على هذه القراءة في " ظنوا " عائد على الأمم وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110أنهم قد كذبوا عائد على الرسل ، أي : ظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما وعدوهم به من النصر أو من العقاب ، ويجوز أن يعود الضمير في " ظنوا " على الرسل وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110أنهم قد كذبوا على المرسل [إليهم] ، أي : وظن الرسل أن الأمم كذبتهم فيما وعدوهم به من أنهم يؤمنون به ، والظن هنا بمعنى اليقين واضح .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أنه قرئ مشددا مبنيا للفاعل ، وأوله بأن الرسل ظنوا أن الأمم قد كذبوهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بعد ما حكى قراءة المبني للفاعل " ولو قرئ بهذا مشددا لكان معناه : وظن الرسل أن قومهم كذبوهم في موعدهم " فلم يحفظها قراءة وهي غريبة ، وكان قد جوز في القراءة المتقدمة أن الضمائر كلها تعود على الرسل ، وأن يعود الأول على المرسل إليهم وما بعده على الرسل فقال : " وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد " كذبوا " بالتخفيف على البناء للفاعل على : وظن الرسل أنهم قد كذبوا فيما حدثوا به قومهم من النصرة : إما على تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وإما على أن قومهم إذا لم يروا لموعدهم أثرا قالوا لهم : قد كذبتمونا فيكونون كاذبين عند قومهم أو : وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا " .
[ ص: 567 ] قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110جاءهم جواب الشرط وتقدم الكلام في " حتى " هذه : ما هي ؟
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110فنجي قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم بنون واحدة وجيم مشددة وياء مفتوحة على أنه فعل ماض مبني للمفعول ، و " من " قائمة مقام الفاعل . والباقون بنونين ثانيتهما ساكنة ، والجيم خفيفة ، والياء ساكنة على أنه مضارع أنجى و " من " مفعولة ، والفاعل ضمير المتكلم نفسه . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن والجحدري nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد في آخرين كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، إلا أنهم سكنوا الياء . والأجود في تخريجها كما تقدم ، وسكنت الياء تخفيفا كقراءة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89تطعمون أهليكم وقد سكن الماضي الصحيح فكيف بالمعتل ؟ كقوله :
2835 - ... ... ... ... قد خلط بجلجلان
وتقدم معه أمثاله . وقيل : الأصل : ننجي بنونين فأدغم النون في الجيم وليس بشيء ، إذ النون لا تدغم في الجيم . على أنه قد قيل بذلك في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88ننجي المؤمنين كما سيأتي بيانه .
وقرأ جماعة كقراءة الباقين إلا أنهم فتحوا الياء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : " رواها
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة عن
حفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، وهي غلط من
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة " قلت : توهم
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية أنه مضارع باق على رفعه فأنكر فتح لامه وغلط راويها ، وليس بغلط ؛ وذلك أنه إذا وقع بعد الشرط والجزاء معا مضارع مقرون بالفاء جاز فيه أوجه أحدها : نصبه بإضمار " أن " بعد الفاء وقد تقدم عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وإن تبدوا [ ص: 568 ] ما في أنفسكم إلى أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284 " فيغفر " قرئ بنصبه ، وتقدم توجيهه ، ولا فرق بين أن تكون أداة الشرط جازمة كآية البقرة أو غير جازمة كهذه الآية . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أيضا " فننجي " بنونين والجيم مشددة والياء ساكنة ، مضارع نجى مشددا للتكثير . وقرأ هو أيضا
ونصر بن عاصم وأبو حيوة " فنجا " فعلا ماضيا مخففا و " من " فاعله .
ونقل الداني أنه قرأ
لابن محيصن كذلك ، إلا أنه شد الجيم والفاعل ضمير النصر ، و " من " مفعوله ، ورجح بعضهم قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بأن المصاحف اتفقت على كتبها " فنجي " بنون واحدة نقله الداني . وقد نقل
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي أن أكثر المصاحف عليها ، فأشعر هذا بوقوع خلاف في الرسل ، ورجح أيضا بأن فيها مناسبة لما قبلها من الأفعال الماضية وهي جارية على طريقة كلام الملوك والعظماء من حيث بناء الفعل للمفعول .
وقرأ
أبو حيوة " يشاء " بالياء ، وقد تقدم أنه يقرأ " فنجا " أي فنجا من يشاء الله نجاته .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن " بأسه " ، والضمير لله ، وفيها مخالفة يسيرة للسواد .
آ . (110) قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110حَتَّى : لَيْسَ فِي الْكَلَامِ شَيْءٌ تَكُونُ " حَتَّى " غَايَةً لَهُ ، فَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَقْدِيرِ شَيْءٍ يَصِحُّ تَغْيِيَتُهُ بِـ " حَتَّى " : فَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا فَتَرَاخَى نَصْرُهُمْ حَتَّى " . وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14979الْقُرْطُبِيُّ : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ يَا
مُحَمَّدُ إِلَّا رِجَالًا لَمْ نُعَاقِبْ أُمَمَهُمْ بِالْعِقَابِ حَتَّى إِذَا " . وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا فَدَعَوْا قَوْمَهُمْ فَكَذَّبُوهُمْ وَطَالَ دُعَاؤُهُمْ وَتَكْذِيبُ قَوْمِهِمْ حَتَّى إِذَا " . وَأَحْسَنُهَا مَا قَدَّمْتُهُ .
[ ص: 563 ] وَتَصَيَّدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ شَيْئًا مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ : " أَفَلَمْ يَسِيرُوا " فَقَالَ : " وَيَتَضَمَّنُ قَوْلُهُ " أَفَلَمْ يَسِيرُوا " إِلَى " مِنْ قَبْلِهِمْ " أَنَّ الرُّسُلَ الَّذِينَ بَعَثَهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى دَعَوْهُمْ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِمْ حَتَّى نَزَلَتْ بِهِمُ الْمَثُلَاتُ فَصَبَرُوا فِي حَيِّزِ مَنْ يُعْتَبَرُ بِعَاقِبَتِهِ ، فَلِهَذَا الْمُضَمَّنِ حَسُنَ أَنْ تَدْخُلَ " حَتَّى " فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110 " حَتَّى إِذَا " . قَالَ الشَّيْخُ : " وَلَمْ يَتَلَخَّصْ لَنَا مِنْ كَلَامِهِ شَيْءٌ يَكُونُ مَا بَعْدَ " حَتَّى " غَايَةً لَهُ ، لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْغَايَةَ بِمَا ادَّعَى أَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109 " أَفَلَمْ يَسِيرُوا " . الْآيَةَ " . قُلْتُ : دَعَوْهُمْ فَلَمْ يُؤْمِنُوا هُوَ الْمُغَيَّى .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110كُذِبُوا قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " كُذِبُوا " بِالتَّخْفِيفِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّثْقِيلِ . فَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ فَاضْطَرَبَتْ أَقْوَالُ النَّاسِ فِيهَا ، وَرُوِيَ إِنْكَارُهَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " مَعَاذَ اللَّهِ لَمْ يَكُنِ الرُّسُلُ لِتَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا " وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ عَنْهَا لِتَوَاتُرِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ .
وَقَدْ وَجَّهَهَا النَّاسُ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ، أَجْوَدُهَا : أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " وَظَنُّوا " عَائِدٌ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ لِتَقَدُّمِهِمْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=109كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، وَلِأَنَّ الرُّسُلَ تَسْتَدْعِي مُرْسَلًا إِلَيْهِ . وَالضَّمِيرُ فِي " أَنَّهُمْ " وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110 " كُذِبُوا " عَائِدٌ عَلَى الرُّسُلِ ، أَيْ : وَظَنَّ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كُذِبُوا ، أَيْ : كَذَّبَهُمْ مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ بِالْوَحْيِ وَبِنَصْرِهِمْ عَلَيْهِمْ .
الثَّانِي : أَنَّ الضَّمَائِرَ الثَّلَاثَةَ عَائِدَةٌ عَلَى الرُّسُلِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي
[ ص: 564 ] تَقْرِيرِ هَذَا الْوَجْهِ " حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسُوا مِنَ النَّصْرِ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ، أَيْ : كَذَّبَهُمْ أَنْفُسُهُمْ حِينَ حَدَّثَتْهُمْ أَنَّهُمْ يُنْصَرُونَ أَوْ رَجَاؤُهُمْ لِقَوْلِهِمْ رَجَاءٌ صَادِقٌ وَرَجَاءٌ كَاذِبٌ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ مُدَّةَ التَّكْذِيبِ وَالْعَدَاوَةِ مِنَ الْكُفَّارِ ، وَانْتِظَارَ النَّصْرِ مِنَ اللَّهِ وَتَأْمِيلَهُ قَدْ تَطَاوَلَتْ عَلَيْهِمْ وَتَمَادَتْ ، حَتَّى اسْتَشْعَرُوا الْقُنُوطَ ، وَتَوَهَّمُوا أَلَّا نَصْرَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَجَاءَهُمْ نَصْرُنَا " انْتَهَى فَقَدْ جَعَلَ الْفَاعِلَ الْمُقَدَّرَ : إِمَّا أَنْفُسُهُمْ ، وَإِمَّا رَجَاؤُهُمْ ، وَجَعَلَ الظَّنَّ بِمَعْنَى التَّوَهُّمِ فَأَخْرَجَهُ عَنْ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ تَرَجُّحُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ ، وَعَنْ مَجَازِهِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمُتَيَقَّنِ .
الثَّالِثُ : أَنَّ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا أَيْضًا عَائِدَةٌ عَلَى الرُّسُلِ ، وَالظَّنُّ عَلَى بَابِهِ مِنَ التَّرْجِيحِ ، وَإِلَى هَذَا نَحَا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَابْنُ جُبَيْرٍ ، قَالُوا : وَالرُّسُلُ بَشَرٌ فَضَعُفُوا وَسَاءَ ظَنُّهُمْ ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَلَّا يَصِحَّ عَنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ غَلِيظَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَحَاشَى الْأَنْبِيَاءَ مِنْ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ رَدَّتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَأَعْظَمُوا أَنْ تُنْسَبَ الْأَنْبِيَاءُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " إِنْ صَحَّ هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ أَرَادَ بِالظَّنِّ مَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ وَيَهْجِسُ فِي الْقَلْبِ مِنْ شُبَهِ الْوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْبَشَرِيَّةُ ، وَأَمَّا الظَّنُّ الَّذِي هُوَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَائِزِينَ عَلَى الْآخَرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَمَا بَالُ رُسُلِ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ أَعْرَفُ بِرَبِّهِمْ ؟ " قُلْتُ : وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ : خَطَرَ بِبَالِهِمْ شِبْهُ الْوَسْوَسَةِ ؛ فَإِنَّ الْوَسْوَسَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12095الْفَارِسِيُّ أَيْضًا : " إِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى : ظَنَّ الرُّسُلُ
[ ص: 565 ] الَّذِينَ وَعَدَ اللَّهُ أُمَمَهُمْ عَلَى لِسَانِهِمْ قَدْ كُذِبُوا فِيهِ فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا [لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبُ مَثَلُهُ] إِلَى الْأَنْبِيَاءِ وَلَا إِلَى صَالِحِي عِبَادِ اللَّهِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ ضَعُفُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ أُخْلِفُوا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ " . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : " مَعْنَاهُ وَظَنُّوا حِينَ ضَعُفُوا وَغُلِبُوا أَنَّهُمْ قَدْ أُخْلِفُوا مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ النَّصْرِ وَقَالَ : كَانُوا بَشَرًا وَتَلَا قَوْلَهَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ .
الرَّابِعُ : أَنَّ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ ، أَيْ : وَظَنَّ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَّبُوهُمْ فِيمَا ادَّعَوْهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَفِيمَا يُوعِدُونَ بِهِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِمْ مِنَ الْعِقَابِ قَبْلُ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ تَأْوِيلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَابْنِ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ قَالُوا : وَلَا يَجُوزُ عَوْدُ الضَّمَائِرِ عَلَى الرُّسُلِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ . وَيُحْكَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنَ جُبَيْرٍ حِينَ سُئِلَ عَنْهَا قَالَ : نَعَمْ إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ مِنْ قَوْمِهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ ، وَظَنَّ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهُمْ " فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَكَانَ حَاضِرًا : " لَوْ رَحَلْتُ فِي هَذِهِ إِلَى
الْيَمَنِ كَانَ قَلِيلًا " .
وَأَمَّا قِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ فَوَاضِحَةٌ وَهُوَ أَنْ تَعُودَ الضَّمَائِرُ كُلُّهَا عَلَى الرُّسُلِ ، أَيْ : وَظَنَّ الرُّسُلُ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَّبَهُمْ أُمَمُهُمْ فِيمَا جَاءُوا بِهِ لِطُولِ الْبَلَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ : " أَنَّهَا قَالَتْ : هُمْ أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِي آمَنُوا بِهِمْ وَصَدَّقُوا طَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ قَوْمَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ " . قُلْتُ : وَبِهَذَا يَتَّحِدُ مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ ، وَالظَّنُّ هُنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى
[ ص: 566 ] بَابِهِ ، وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَأَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّوَهُّمِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ " كَذَبُوا " بِالتَّخْفِيفِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَالضَّمِيرُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فِي " ظَنُّوا " عَائِدٌ عَلَى الْأُمَمِ وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا عَائِدٌ عَلَى الرُّسُلِ ، أَيْ : ظَنَّ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ مِنَ النَّصْرِ أَوْ مِنَ الْعِقَابِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي " ظَنُّوا " عَلَى الرُّسُلِ وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا عَلَى الْمُرْسَلِ [إِلَيْهِمْ] ، أَيْ : وَظَنَّ الرُّسُلُ أَنَّ الْأُمَمَ كَذَبَتْهُمْ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ مِنْ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِهِ ، وَالظَّنُّ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَاضِحٌ .
وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّهُ قُرِئَ مُشَدَّدًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَأَوَّلَهُ بِأَنَّ الرُّسُلَ ظَنُّوا أَنَّ الْأُمَمَ قَدْ كَذَّبُوهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَعْدَ مَا حَكَى قِرَاءَةَ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ " وَلَوْ قُرِئَ بِهَذَا مُشَدَّدًا لَكَانَ مَعْنَاهُ : وَظَنَّ الرُّسُلُ أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فِي مَوْعِدِهِمْ " فَلَمْ يَحْفَظْهَا قِرَاءَةً وَهِيَ غَرِيبَةٌ ، وَكَانَ قَدْ جَوَّزَ فِي الْقِرَاءَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا تَعُودُ عَلَى الرُّسُلِ ، وَأَنْ يَعُودَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الرُّسُلِ فَقَالَ : " وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ " كَذَبُوا " بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى : وَظَنَّ الرُّسُلُ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا فِيمَا حَدَّثُوا بِهِ قَوْمَهُمْ مِنَ النُّصْرَةِ : إِمَّا عَلَى تَأْوِيلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَإِمَّا عَلَى أَنَّ قَوْمَهُمْ إِذَا لَمْ يَرَوْا لِمَوْعِدِهِمْ أَثَرًا قَالُوا لَهُمْ : قَدْ كَذَبْتُمُونَا فَيَكُونُونَ كَاذِبِينَ عِنْدَ قَوْمِهِمْ أَوْ : وَظَنَّ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا " .
[ ص: 567 ] قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110جَاءَهُمْ جَوَابُ الشَّرْطِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي " حَتَّى " هَذِهِ : مَا هِيَ ؟
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=110فَنُجِّيَ قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمٌ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ وَيَاءٍ مَفْتُوحَةٍ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ ، وَ " مَنْ " قَائِمَةٌ مَقَامَ الْفَاعِلِ . وَالْبَاقُونَ بِنُونَيْنِ ثَانِيَتُهُمَا سَاكِنَةٌ ، وَالْجِيمُ خَفِيفَةٌ ، وَالْيَاءُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعُ أَنْجَى وَ " مَنْ " مَفْعُولَةٌ ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ نَفْسِهِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ فِي آخَرِينَ كَقِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ ، إِلَّا أَنَّهُمْ سَكَّنُوا الْيَاءَ . وَالْأَجْوَدُ فِي تَخْرِيجِهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَسُكِّنَتِ الْيَاءُ تَخْفِيفًا كَقِرَاءَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ وَقَدْ سُكِّنَ الْمَاضِي الصَّحِيحُ فَكَيْفَ بِالْمُعْتَلِّ ؟ كَقَوْلِهِ :
2835 - ... ... ... ... قَدْ خُلِطْ بِجُلْجُلَانِ
وَتَقَدَّمَ مَعَهُ أَمْثَالُهُ . وَقِيلَ : الْأَصْلُ : نُنْجِي بِنُونَيْنِ فَأَدْغَمَ النُّونَ فِي الْجِيمِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، إِذِ النُّونُ لَا تُدْغَمُ فِي الْجِيمِ . عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .
وَقَرَأَ جَمَاعَةٌ كَقِرَاءَةِ الْبَاقِينَ إِلَّا أَنَّهُمْ فَتَحُوا الْيَاءَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ : " رَوَاهَا
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ
حَفْصٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ ، وَهِيَ غَلَطٌ مِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابْنِ هُبَيْرَةَ " قُلْتُ : تَوَهَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّهُ مُضَارِعٌ بَاقٍ عَلَى رَفْعِهِ فَأَنْكَرَ فَتْحَ لَامِهِ وَغَلَّطَ رَاوِيَهَا ، وَلَيْسَ بِغَلَطٍ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ بَعْدَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءُ مَعًا مُضَارِعٌ مَقْرُونٌ بِالْفَاءِ جَازَ فِيهِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا : نَصْبُهُ بِإِضْمَارِ " أَنْ " بَعْدَ الْفَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وَإِنْ تُبْدُوا [ ص: 568 ] مَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284 " فَيَغْفِرُ " قُرِئَ بِنَصْبِهِ ، وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أَدَاةُ الشَّرْطِ جَازِمَةً كَآيَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرَ جَازِمَةٍ كَهَذِهِ الْآيَةِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ أَيْضًا " فَنُنَجِّي " بِنُونَيْنِ وَالْجِيمُ مُشَدَّدَةٌ وَالْيَاءُ سَاكِنَةٌ ، مُضَارِعُ نَجَّى مُشَدَّدًا لِلتَّكْثِيرِ . وَقَرَأَ هُوَ أَيْضًا
وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَأَبُو حَيْوَةَ " فَنَجَا " فِعْلًا مَاضِيًا مُخَفَّفًا وَ " مَنْ " فَاعِلُهُ .
وَنَقَلَ الدَّانِي أَنَّهُ قَرَأَ
لِابْنِ مُحَيْصِنٍ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ شَدَّ الْجِيمَ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ النَّصْرِ ، وَ " مَنْ " مَفْعُولُهُ ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ قِرَاءَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ بِأَنَّ الْمَصَاحِفَ اتَّفَقَتْ عَلَى كَتْبِهَا " فَنُجِّيَ " بِنُونٍ وَاحِدَةٍ نَقَلَهُ الدَّانِي . وَقَدْ نَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=17141مَكِّيٌّ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَصَاحِفِ عَلَيْهَا ، فَأَشْعَرَ هَذَا بِوُقُوعِ خِلَافٍ فِي الرُّسُلِ ، وَرُجِّحَ أَيْضًا بِأَنَّ فِيهَا مُنَاسَبَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَاضِيَةِ وَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ كَلَامِ الْمُلُوكِ وَالْعُظَمَاءِ مِنْ حَيْثُ بِنَاءُ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ .
وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ " يَشَاءُ " بِالْيَاءِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقْرَأُ " فَنَجَا " أَيْ فَنَجَا مَنْ يَشَاءُ اللَّهُ نَجَاتَهُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ " بَأْسَهُ " ، وَالضَّمِيرُ لِلَّهِ ، وَفِيهَا مُخَالَفَةٌ يَسِيرَةٌ لِلسَّوَادِ .