2840 - على لاحب لا يهتدى بمناره ... ... ... ...
وقد تقدم. هذا إذا قلنا: إن "ترونها" صفة، أما إذا قلنا: إنها مستأنفة - كما سيأتي - فيتعين أن لا عمد لها البتة.والعامة على فتح العين والميم وهو اسم جمع، وعبارة بعضهم: "إنه جمع"، نظر إلى المعنى دون الصناعة، وفي مفرده احتمالان، أحدهما: أنه عماد، ونظيره: إهاب وأهب. والثاني: أنه عمود كأديم وأدم وقضيم وقضم، كذا قال الشيخ: وقال "جمع عماد، [ ص: 9 ] أو عمود مثل: أديم وأدم، وأفيق وأفق، وإهاب وأهب، ولا خامس لها". قلت: فجعلوا فعولا كفعيل في ذلك، وفيه نظر; لأن الأوزان لها خصوصية فلا يلزم من جمع فعيل على كذا أن يجمع عليه فعول، فكان ينبغي أن ينظروه بأن فعولا جمع على فعل. أبو البقاء:
ثم قول "ولا خامس لها"، يعني أنه لم يجمع على فعل إلا هذه الخمسة: عماد، وعمود، وأديم، وأفيق، وإهاب، وهذا الحصر ممنوع لما ذكرت لك من نحو: قضيم وقضم. ويجمعان في القلة على "أعمدة". أبي البقاء:
وقرأ أبو حيوة "عمد" بضمتين، ومفرده يحتمل أن يكون عمادا كشهاب وشهب، وكتاب وكتب، وأن يكون عمودا كرسول ورسل، وقد قرئ في السبع: ويحيى بن وثاب: في عمد ممددة بالوجهين. وقال في عمد: "اسم جمع عمود، والباب في جمعه "عمد" بضم الحروف الثلاثة كرسول ورسل". ابن عطية
قال الشيخ: "وهذا وهم، وصوابه بضم الحرفين; لأن الثالث هو حرف الإعراب، فلا تعتبر ضمة في كيفية الجمع".
والعماد والعمود: ما يعمد به، أي: يسند، يقال: عمدت الحائط [ ص: 10 ] أعمده عمدا، أي: أدعمته فاعتمد الحائط على العماد. والعمد: الأساطين. قال النابغة:
2841 - وخيس الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح والعمد
قوله: ترونها في الضمير المنصوب وجهان، أحدهما: أنه عائد على "عمد" وهو أقرب مذكور، وحينئذ تكون الجملة في محل جر صفة لـ "عمد"، ويجيء فيه الاحتمالان المتقدمان: من كون العمد موجودة، لكنها لا ترى، أو غير موجودة البتة.
والثاني: أن الضمير عائد على "السماوات". ثم في هذه الجملة وجهان، أحدهما: أنها مستأنفة لا محل لها، أي: استشهد برؤيتهم لها كذلك، ولم يذكر غيره. والثاني: أنها في محل نصب على الحال من "السماوات"، وتكون حالا مقدرة; لأنها حين رفعها لم نكن مخلوقين، والتقدير: رفعها مرئية لكم. الزمخشري
وقرأ "ترونه" مراعاة للفظ "عمد" إذ هو اسم جمع. وهذه القراءة رجح بها أبي: كون الجملة صفة لـ "عمد". الزمخشري
[ ص: 11 ] وزعم بعضهم أن "ترونها" خبر لفظا، ومعناه الأمر، أي: روها وانظروا إليها لتعتبروا بها. وهو بعيد، ويتعين على هذا أن تكون مستأنفة; لأن الطلب لا يقع صفة ولا حالا.
و "ثم" في "ثم استوى" لمجرد العطف لا للترتيب; لأن الاستواء على العرش غير مرتب على رفع السماوات.
قوله: يدبر الأمر يفصل الآيات قرأ العامة هذين الحرفين بالياء من تحت جريا على ضمير اسم الله تعالى، وفيهما وجهان، أحدهما - وهو الظاهر -: أنهما مستأنفان للإخبار بذلك. والثاني: أن الأول حال من فاعل "سخر"، والثاني حال من فاعل "يدبر".
وقرأ النخعي "ندبر الأمر، نفصل" بالنون فيهما، وأبان بن تغلب: والحسن "نفصل" بالنون، "يدبر" بالياء. قال والأعمش: المهدوي: لم يختلف في "يدبر"، يعني أنه بالياء، وليس كما ذكر لما قدمته عن النخعي وأبان بن تغلب.