قوله: "به" فيه أوجه، أحدها: أنه حال، فيتعلق بمحذوف. قال : "وبه في موضع الحال كما [تقول:] يستمعون بالهزء، أي: هازئين". الثاني: أنها بمعنى اللام، أي: بما يستمعون له. الثالث: [ ص: 365 ] أنهما على بابها، أي: يستمعون بقلوبهم أو بظاهر أسماعهم، قالهما الزمخشري الرابع: قال أبو البقاء. "لم يقل يستمعونه ولا يستمعونك; لما كان الغرض ليس الإخبار عن الاستماع فقط، وكان مضمنا أن الاستماع كان على طريق الهزء بأن يقولوا: مجنون أو مسحور جاء الاستماع به وإلى، ليعلم أن الاستماع ليس المراد به تفهم المسموع دون هذا المقصد"، فعلى هذا أيضا تتعلق الباء ب "يستمعون". الحوفي:
قوله: "إذ يستمعون" فيه وجهان: أحدهما: أنه معمول ل "أعلم". قال : "إذ يستمعون نصب ب "أعلم"، أي: أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون، وبما يتناجون به، إذ هم ذوو نجوى". والثاني: أنه منصوب ب "يستمعون" الأولى. قال الزمخشري والعامل في "إذ" الأولى وفي المعطوف "يستمعون" الأول. وقال ابن عطية: ف "إذ" الأولى تتعلق ب "يستمعون" وكذا: الحوفي: وإذ هم نجوى لأن المعنى: نحن أعلم بالذي يستمعون إليك وإلى قراءتك وكلامك، إنما يستمعون لسقطك، وتتبع عيبك، والتماس ما يطعنون به عليك، يعني في زعمهم; ولهذا ذكر تعديته بالباء و "إلى".
قوله: "نجوى" يجوز أن يكون مصدرا فيكون من إطلاق المصدر على العين مبالغة، أو على حذف مضاف، أي: ذوو نجوى، كما قاله . ويجوز أن يكون جمع نجي كقتيل وقتلى. قاله الزمخشري أبو البقاء.
[ ص: 366 ] قوله: إذ يقول بدل من "إذ" الأولى في أحد القولين، والقول الآخر: أنها معمولة ل "اذكر" مقدرا.
قوله: "مسحورا" الظاهر أنه اسم مفعول من "السحر" بكسر السين، أي: مخبول العقل أو مخدوعه. وقال "معناه أن له سحرا" أي: رئة بمعنى أنه لا يستغني عن الطعام والشراب، فهو بشر مثلكم. أبو عبيدة:
وتقول العرب للجبان: "قد انتفخ سحره" بفتح السين، ولكل من أكل وشرب: مسحور، ومسحر. فمن الأول قول امرئ القيس:
3069 - أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب
أي: نغذى ونعلل. ومن الثاني قول لبيد: 3070 - فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر