قوله: وما يعبدون يجوز في "ما" ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكون بمعنى الذي، والعائد مقدر، أي: واعتزلتم الذي يعبدونه. و "إلا الله" يجوز فيه أن يكون استثناء متصلا، فقد روي أنهم كانوا يعبدون الله ويشركون به غيره، ومنقطعا، فقد روي أنهم كانوا يعبدون الأصنام فقط. والمستثنى منه يجوز أن يكون الموصول، وأن يكون عائده، والمعنى واحد.
والثاني: أنها مصدرية، أي: واعتزلتم عبادتهم، أي: تركتموها. و "إلا الله" على حذف مضاف، أي: إلا عبادة الله. وفي الاستثناء الوجهان المتقدمان.
الثالث: أنها نافية، وأنه من كلام الله تعالى، وعلى هذا فهذه الجملة [ ص: 455 ] معترضة بين أثناء القصة وإليه ذهب . و الزمخشري إلا الله استثناء مفرغ أخبر الله عن الفتنة أنهم لا يعبدون غيره. وقال "والثالث: أنها حرف نفي فيخرج في الاستثناء وجهان، أحدهما: هو منقطع، والثاني: هو متصل، والمعنى: وإذ اعتزلتموهم إلا الله وما يعبدون إلا الله". قلت: فظاهر هذا الكلام: أن الانقطاع والاتصال في الاستثناء مترتبان على القول بكون "ما" نافية، وليس الأمر كذلك. أبو البقاء:
قوله: "مرفقا" قرأ بكسر الميم وفتح الفاء الجمهور، ونافع بالعكس، وفيهما اختلاف بين أهل اللغة، فقيل: هما بمعنى واحد وهو ما يرتفق به، وليس بمصدر. وقيل: هو بالكسر في الميم لليد، وبالفتح للأمر، وقد يستعمل كل واحد منهما موضع الآخر، حكاه وابن عامر عن الأزهري وأنشد ثعلب. جمعا بين اللغتين في الجارحة: الفراء
3131 - بت أجافي مرفقا عن مرفق
وقيل: يستعملان معا في الأمر وفي الجارحة، حكاه الزجاج.[ ص: 456 ] وحكى عن مكي أنه قال: "لا أعرف في الأمر ولا في اليد ولا في كل شيء إلا كسر الميم". الفراء
قلت: وتواتر قراءة والشاميين يرد عليه. وأنكر نافع كسر الميم في الجارحة، وقال: لا أعرف فيه إلا الفتح وهو عكس قول تلميذه، ولكن خالفه الكسائي وقال: "هو بفتح الميم: الموضع كالمسجد. وقال أبو حاتم، أبو زيد: هو بفتح الميم مصدر جاء على مفعل"، وقال بعضهم: هما لغتان فيما يرتفق به، فأما الجارحة فبكسر الميم فقط. وحكي عن أنه قال: "أهل الفراء الحجاز يقولون: "مرفقا" بفتح الميم وكسر الفاء فيما ارتفقت به، ويكسرون مرفق الإنسان، والعرب بعد يكسرون الميم منهما جميعا". وأجاز فتح الميم والفاء، وهو مصدر كالمضرب والمقتل. معاذ
و من أمركم متعلق بالفعل قبله، و "من" لابتداء الغاية أو للتبعيض. وقيل: هي بمعنى بدل، قاله وأنشد: ابن الأنباري
3132 - فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على طهيان