3141 - فصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع
[ ص: 473 ] وقوله: "بالغداة" تقدم الكلام عليها في الأنعام.قوله: ولا تعد عيناك فيه وجهان، أحدهما: أن مفعوله محذوف، تقديره: ولا تعد عيناك النظر. والثاني: أنه ضمن معنى ما يتعدى ب "عن". قال : "وإنما عدي ب "عن" لتضمين "عدا" معنى نبا وعلا في قولك: نبت عنه عينه، وعلت عنه عينه، إذا اقتحمته ولم تعلق به. فإن قلت: أي غرض في هذا التضمين؟ وهلا قيل: ولا تعدهم عيناك، أو: ولا تعل عيناك عنهم؟ قلت: الغرض فيه إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ. ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك متجاوزتين إلى غيرهم. ونحوه: الزمخشري ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ، أي: ولا تضموها إليها آكلين لها".
ورده الشيخ: بأن مذهب البصريين أن التضمين لا ينقاس، وإنما يصار إليه عند الضرورة. فإذا أمكن الخروج عنه فلا يصار إليه.
وقرأ "ولا تعد عينيك" من أعدى رباعيا. وقرأ هو الحسن وعيسى "ولا تعد" بالتشديد من عدى يعدي مضعفا، عداه في الأولى بالهمزة وفي الثانية بالتثقيل، كقول والأعمش النابغة:
[ ص: 474 ]
3142 - فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له وانم القتود على عيرانة أجد
قوله: "تريد" جملة حالية. ويجوز أن يكون فاعل "تريد" المخاطب، أي: تريد أنت. ويجوز أن يكون ضمير العينين، وإنما وحد لأنهما متلازمان يجوز أن يخبر عنهما خبر الواحد. ومنه قول امرئ القيس:
3143 - لمن زحلوقة زل بها العينان تنهل
3144 - وكأن في العينين حب قرنفل أو سنبلا كحلت به فانهلت
وقد أجاز ذلك بعضهم إذا كان المضاف جزءا أو كالجزء، وحسن ذلك أن المقصود نهيه هو عليه السلام. وإنما جيء بقوله: "عيناك" والمقصود هو لأنهما بهما تكون المراعاة للشخص والتلفت له.
قلت: وقد ظهر لي وجه حسن لم أر غيري ذكره: وهو أن يكون "تعد" مسندا لضمير المخاطب صلى الله عليه وسلم، و "عيناك" بدل من الضمير بدل بعض من كل. و "تريد" على وجهيها: من كونها حالا من "عيناك" أو من الضمير في تعد. إلا أن في جعلها حالا من الضمير في "ولا تعد" ضعفا: من حيث إن مراعاة المبدل منه بعد ذكر البدل قليل جدا تقول: "الجارية حسنها فاتن" ولا يجوز "فاتنة" إلا قليلا، كقوله:
3145 - فكأنه لهق السراة كأنه ما حاجبيه معين بسواد
قوله: أغفلنا قلبه العامة على إسناد الفعل ل "نا" و "قلبه" مفعول به.
[ ص: 476 ] وقرأ عمرو بن عبيد بن فائد وموسى الأسواري بفتح اللام ورفع "قلبه" أسندوا الإغفال إلى القلب. وفيه أوجه. قال من ظننا غافلين عنه. وقال ابن جني: : "من حسبنا قلبه غافلين، من أغفلته إذا وجدته غافلا". وقال الزمخشري "فيه وجهان، أحدهما: وجدنا قلبه معرضين عنه. والثاني: أهمل أمرنا عن تذكرنا". أبو البقاء:
قوله: "فرطا" يحتمل أن يكون وصفا على فعل كقولهم: "فرس فرط"، أي: متقدم على الخيل، وكذلك هذا، أي: متقدما للحق. وأن يكون مصدرا بمعنى التفريط أو الإفراط. قال الفرط: يحتمل أن يكون بمعنى التفريط والتضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزم، ويحتمل أن يكون بمعنى الإفراط والإسراف. ابن عطية: