وقرأ "ما بقا" بقلب الكسرة فتحة والياء ألفا، وهي لغة لطيء ولغيرهم، ومنه قول الحسن: علقمة التميمي:
1108 - زها الشوق حتى ظل إنسان عينه يفيض بمغمور من الدمع متأق
وقال الآخر: 1109 - وما الدنيا بباقاة علينا وما حي على الدنيا بباق
1110 - إنما شعري قيد قد خلط بجلجلان
1111 - هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف
1112 - لعمرك لا أخشى التصعلك ما بقي على الأرض قيسي يسوق الأباعرا
ونقل هنا أن العدوي - وهو ابن عطية أبو السمال - قرأ "من الربو" بتشديد الراء مكسورة، وضم الباء بعدها واو. قلت: قد قدمت أن أبا السمال إنما قرأ "الربا" في أول الآية بواو بعد فتحة الباء، وأن أبا زيد حكى عن بعضهم أنه ضم الباء، وقدمت تخريجهما على ضعفه.
وقال "شذ هذا الحرف في أمرين، أحدهما: الخروج من الكسر إلى الضم بناء لازما، والآخر: وقوع الواو بعد الضمة في آخر الاسم، وهذا شيء لم يأت إلا في الفعل نحو: يغزو ويدعو، وأما "ذو" الطائية بمعنى الذي فشاذة جدا، ومنهم من يغير واوها إذا فارق الرفع، فيقول: "رأيت ذا قام"، ووجه القراءة أنه لما فخم الألف انتحى بها الواو التي الألف بدل منها، على حد قولهم: الصلاة والزكاة، وهي بالجملة قراءة شاذة". قلت: غيره يقيد العبارة فيقول: "ليس في الأسماء المعربة واو قبلها ضمة" حتى يخرج عنه "ذو" بمعنى الذي و "هو" من الضمائر، وابن جني لم يذكر القيد استثنى "ذو الطائية" ويرد عليه نحو "هو"، ويرد على العبارة "ذو" بمعنى صاحب فإنها معربة آخرها واو بعد ضمة. وقد أجيب عنه بأنها تتغير إلى [ ص: 639 ] الألف والياء فلم يبال بها، وأيضا فإن ضمة الدال عارضة، إذ أصلها الفتح، وإنما ضمت إتباعا على ما قررته في إعراب الأسماء الستة في كتب النحو. وقوله: "بناء لازما" تحرز من وجود الخروج من كسر إلى ضم بطريق العرض نحو: الحبك فإنه من التداخل، ونحو: "الردء" موقوفا عليه، فالخروج من كسر إلى ضم في هاتين الكلمتين ليس بلازم. وقوله: "منهم من يغير واوها" المشهور بناؤها على الواو مطلقا، وقد تعرب كالتي بمعنى صاحب وأنشدوا: ابن جني:
1113 - فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا
قوله: "إن كنتم" شرط وجوابه محذوف عند الجمهور أي: فاتقوا وذروا، ومتقدم عند جماعة. وقيل: "إن" هنا بمعنى إذ، وهذا مردود مرغوب عنه. وقيل: يراد بهذا الشرط هنا الاستدامة.